• عنواننا في التلغرام : https://telegram.me/al_kawthar الإيميل : alkawthar.com@gmail.com
  • اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ وَعَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُمْ ، اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْن ِ (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة و في كل ساعة وليا و حافظا و قائدا و ناصرا و دليلا و عينا حتى تسكنه أرضك طوعا و تمتعه فيها طويلا)

السقوط من المهد ! 20157 20153 20151 هـ - الموافق 30 أغسطس 2015

    إنّه مجهول في الأرض معروفٌ في السماء ، خطيب مفوّه يلقي الخطابة باللغتين العربية و الفارسية محاضراته في غاية الروعة و المتانة و الفائدة لا ينقل كلام هذا و ذاك بل كانت أبحاثه مبتكرة ، يلقي في بيوت المراجع و الفضلاء و في المدارس الحوزوية ، وأيضاًً في مدينة القصبة من محافظة عبادان الإيرانية ، تعلمت منه  كثيراً وكان يعجبني أسلوبه وبيانه و مواضيعه ولا أنسى تلك المحاضرة القويّة في إحدى مدارس النجف التي كانت كلّها آيات مترابطة من دون أن يضيف كلمة واحدة عليها إنّه العلاّمة الشيخ حسين الهراتي النجفي رحمة الله ،ومدينة هرات من المدن الشيعية الحدودية تقع غربی آفغانستان كان يعيش الفقر والوحدة بما للكلمة من معنى لا يمتلك بيتا و لا أهلا و لا أولادا و لا أصدقاء ومن المؤسف أنني رأيت بعض أطفال النجف كانوا يعتقدون بأنّه مجنون فيرمونه بالحجارة بمجرّد أن زيّه كان لا يعجبهم و هو يتهرّب منهم ، عزيزي تصوّر هذه المأساة ! والحديث عن أهالي النجف ذو شجون !  حالفني الحظ فذهبت إلى بيته و جلست معه أتحدّث عن أسلوب الخطابة و محتواها فأخذني معه إلى مكتبة قريبة من الحرم وأظن أنها كانت للمرحوم كاشف الغطاء ، فأخرج كتاباً فارسياً وهو ديوان جيحون اليزدي الملقب بـ (تاج الشعراء) وقال لي إقرأ هذه الأبيات واحفظها وهي تبيّن مصيبة الطفل عبد الله الرضيع العظمى وفيها أعلى مقامات العاطفة والحس و أرفع درجات اللطافة و العشق تحرق القلوب و تذيب الأنفس أترجم مقطعا منها :

يخاطب الطفل الرضيع فيقول :

 من قال لك أن تأيس و لا تطلب الماء من أبيك الحسين؟ خصوصاً في هذا الوضع الحرج حيث أنّ أهل الحرم من النساء و الأطفال في حيرة شديدة وتأزّم كبير؟

فجائت النسوة به على عجالة  إلى الحسين عليه السلام حاملين الطفل يخاطبون أبا عبد الله :

يا حسين! ألا ترى هذا الطفل يغلي عطشاً ويكاد أن يموت ! وأنت تعلم بأنّه ليس كأحدنا  يتمكن من الصبر على تحمّل العطش . تراه يا حسين كيف تتساقط دموعه على التراب فتغطيه بَللا! وتراه كيف يخمش وجهه بحيث يوشك خروج روحه من بدنه . فلا تنحل يا حسين هذه العُقدة إلا بكفٍٍّ من الماء .

واعلم يا حسين ! كم سقط الطفل من المهد من شدة الصراخ وأمّه لا تعرف ما به من ألم ، وليس لديها لبن لتوصله إلى شفتيه ، ولا تمتلك شيئاً من الماء لترشه على وجهه فبطبيعة الحال لا يسكن قلب الطفل .  يا حسين : أنظر إليه  كيف يخمش صدر أمّه الرباب تارةً و يتقلّب في حضن أخته سكينة تارة أخرى !

خلاصة الكلام يا أبا عبد الله :نحن لا يمكننا أبداً حلّ مشكلة إبنك فعليك التصرّف في الأمر ، فإمّا أن تهدّء الطفل بطريقة و أخرى! و إمّا أن تأخذه معك إلى ميدان الحرب .

فأخذه الإمام إلى الميدان ... بعد أن قرأت هذه القصيدة الطويلة تعرّفت أكثر فأكثر على النفس الصافية لأستاذنا الهراتي رضوان الله تعالى ، ولم أتأسف من شيء مثل تأسفي للأشرطة الكثيرة المشتملة على محاضراته التي سجلتها بنفسي والتي بعتها بثمن بخس حيث كنت مطارداً من قبل البعثيين بعد إطلاق سراحي من السجن سنة 1977  .

فاعلم يا عزيزي أنّ أولياء الله كثيرون وعليك بالبحث عنهم لعل الله يوفقك مصاحبة واحد منهم يكون له تأثير جذري في حياتك و مماتك .

إبراهيم الأنصاري – البحرين المنامة

15 ذيقعدة 1436 الساعة 11:45