ولو ردّوا لعادوا 20157 20153 20151 هـ - الموافق 06 سبتمبر 2015
شدّة الحرارة في الثمانينات خصوصاً في عرفة حيث لم تكن المخيمات مكيّفة و لا تحتوى على المراوح سببت خسائر إنسانية كثيرة خصوصاً في كبار السن و بالأخصّ من البلدان الباردة .
كان المرشد الأوّل السيد زين الدين و أنا كنت المرشد الثاني لحجّاج مدينة أراك من المحافظة المركزية وهي مدينة باردة جداً ، وحجّاجنا كانوا كباراً في السن فكان يموت منهم واحدٌ تلو الآخر!
ماتت إمرأة عجوزة فحملنا جثّتها إلى فوضعت في الثلاجة المخصصة للموتى لنأخذها بعد انتهاء المناسك إلى إيران .
المقرّر الخاص بالحملة الأخ كَرمي كتب للبعثة (...إحدى الحاجات قد ماتت فنقلناها إلى مكّة ) بطبيعة الحال أخبروا ذويها فيستعدوا لإستقبال الجنازة و إقامة المراسيم .
و هناك إمرأة أخرى في الأربعينيات قالت : لم تأت العجائز هنا ؟ يأتين ليَمتنَ ؟ !
\مع الأسف هي أيضاً ماتت وأخذناها إلى منى ثمّ إلى مكّة ! فكتبالأخ كرمي للبعثة أنّ حاجة أخرى قد ماتت ونقلت إلى مكّة .
بعد الإنتهاء من المناسك رجعنا جميعاً إلى السكن في منطقة الششة قريب من العزيزيّة فبمجرّد أن دخلنا الغرف فإذا بالنسوة جميعاً يصرخن بصوتٍ عال .
ماذا حدث ؟ إنّ الميّتة الأولى جالسة في غرفتها ... يا للعجب ! ذهبنا إليها فسألناها عن حالها و كيف جائت هنا ، فقالت : الرجاء عدم السؤال عن هذا الموضوع ، بل أنا لدي سؤال من زوج ابنتي ؟ خاطبته رافعة صوتها : أين المبلغ الذي دفعته لك لتشتري لي تلفزيونا ؟ هل اشتريت أم لا ؟ هذا الموقف قد أثار عجبنا أكثر .
فيا عزيزي لا تظنّنّ أنك ستنقلب إلى ما كنت عليه بمجرّد معاينة الموت فكم نحن نشاهد الموتى في المغتسل و في حال الدفن فلم لا نعتبر ؟ لأنّ معرفتنا بالنسبة إلى عالم البرزخ والآخرة ضعيفة ، فلا بدّ أن نعرف قبل أن نموت بل نموت قبل أن نموت .
هذا و الحاجّة الأخرى لم ترجع أبداً و دفنتُها بيدَي في مقبرة المعلّى رحمها الله .
الجدير أن الأخ كرمي كتب للبعثة : (أمّا الميتّة الأولى فرجعت إلى الدنيا مرّة أخرى و أمّا الثانية فلم ترجع بعدُ).
علماً بأنّها لم تمت بل الحرارة الشديدة أثّرت فيها فعندما أحسّت بالبرودة الشديدة تحرّكت وطرقت الباب فأخذوها للمناسك ثمّ أرجعوها حسب بطاقتها المشتملة على العنوان .
وأمّا الأخ العزيز كَرمي وهو من مدينة كرمانشاه و من فضلاء الحوزة قد نال شرف الشهادة في جبهات القتال ضد العدوّ البعثي الكافر فسلام عليه يوم ولد و يوم استشهد و يوم يبعث حيّاً .
إبراهيم الأنصاري – البحرين – المنامة
17 ذيقعدة 1436