• عنواننا في التلغرام : https://telegram.me/al_kawthar الإيميل : alkawthar.com@gmail.com
  • اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ وَعَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُمْ ، اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْن ِ (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه و على آبائه في هذه الساعة و في كل ساعة وليا و حافظا و قائدا و ناصرا و دليلا و عينا حتى تسكنه أرضك طوعا و تمتعه فيها طويلا)

موتوا قبل أن تموتوا ! 20167 20163 20161 هـ - الموافق 01 يناير 2016

دعاني أحد الشخصيات المرموقة في الكويت وهو الحاج علي إلى مزرعته في الوفرة ، كانت المزرعة تشتمل على فِيلا جميلة و ساحة خارجية و حوض سباحة وإلى جوارها مساحة مسطحة ، وبينا كنّا نجول ونتحدّث و إذا بي أرى رجلاً في الخمسينات يعمل في المزرعة و يبدو عليه أنّه ليس كعامّة الفلاحين..

 سألت الحاج: من هذا؟

قال: إنّه مهندسٌ حاذق في أمور الزراعة وهو من محافظة خوزستان الإيرانية، دعوته هاهنا إلى مزرعتي؛ كيما يستثمر الأرض لصالحه فيزرعها و يجني خيراتها ، لا أريد منه أيّ مقابل مادام أنّه يحيى الأرض الميتة. والجدير بالذكر أنه مبدع في الزراعة خصوصاً في (البيوت المحميّة)، لنذهب إليه فيشرح لك وبالتأكيد أنك ستتفاجأ ، سلّمتُ عليه و عرّفت بنفسي و هو كذلك عرّف نفسه، سألته: ماذا تفعل هنا ؟

فطفق يشرح لي عن عزمه على استِغلال الأرض على صغر مساحتها في زراعة أكثر أصناف الخضروات!

قال: البامية مثلا تحتاج إلى جوّ معتدل الحرارة  ولذلك تزرع فى شهور فبراير ومارس وإبريل، ولكني سأنتجها هنا على مدار العام مستفيداً من الحرارة الإصطناعية، و بما أنّها تحتاج إلى ظل فسأزرع إلى جانبها شيئاً ما من شأنه أن ينمو فيظلل على البامية، وبذلك تسهم كل منهما في نمو الأخرى، والنتيجة ستظهر بعد أشهر قليلة فسأبيعها و أحصل على عشرات الآلاف و أوّد أن تكون لك جولة أخرى مستقبلاً.

سألته : من سيشتريها ؟

قال : لديّ خطّة في تلك الأرض _ وأشار إلى الأرض الخالية خارج المزرعة_ وهي:

أن أجعل فيها عدداً من الخيول و الجمال و الألعاب لتأتيها العوائل للترفيه مجّاناً و بطبيعة الحال سوف لن تعود إلا وهي محمّلة بما سنعرضه هنا للبيع .

ما شاء الله ، الهمّة عالية و الرؤية واضحة و الغاية جميلة أمّا !!

كنت ألقي المحاضرات في العشرة الأولى من شهر محرّم الحرام في مسجد الإمام الحسين عليه السلام في ميدان حولّي بالكويت، وقعت عيني على صديقي صاحب المزرعة الحاج علي، فأخذت أسأله عن مزرعته و زارعه وعن أصناف الثمار و أيضاً عن الخيول و الجمال .

 قال لي : ماذا تقول شيخنا!؟ أي بامية ! و أي باذنجان ! و أي خيار و طماطم ؟؟ ووو.

ماذا حدث ؟ قال : الرجل مات !! وانتهى كلّ شيء بموته رضوان الله تعالى عليه ...

سبحان الله لم يمهله الأجل ليحقق مرحلة من الإنجاز أو أن يصل إلى شيء من الآمال !

(...وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(لقمان/34).

 يقول الإمام علي عليه السلام: ( فَلَوْ أَنَّ أَحَداً يَجِدُ إِلَى الْبَقَاءِ سُلَّماً أَوْ لِدَفْعِ‏ الْمَوْتِ‏ سَبِيلًا لَكَانَ ذَلِكَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ ع الَّذِي سُخِّرَ لَهُ مُلْكُ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ مَعَ النُّبُوَّةِ وَ عَظِيمِ الزُّلْفَة) نهج البلاغة (صبحي صالح) ؛ ص262

فيا أيّها الحبيب :

أفعل ما تريد و خطّط لحياتك ما شأت  ولكن لا تنس أن الموت آتٍ لا محالة ربما داهمك اليوم وربما بعد عمرٍ غير أنه مع الأسف لن يكون بالعمر الطويل...  فهل السبعون أو الثمانون سنة تعدّ عمراً طويلاً ؟  ولو فرضنا ذلك فهل ستبقى لنا الصحّة و النشاط بعد الخمسين ؟

من أنفع الكلمات ما نقل عن رسول الله صلّى اللّه عليه و آله: (موتوا قبل‏ ان‏ تموتوا) شرح أصول الكافي (للملا صدرا)، ج‏1، ص:  359 وتعني أنّه على الإنسان أن يموت بإرادته قبل أن يؤخذ من الدنيا قهراً ، و هو ما يتحقق  لذلك العبد الذي يكون باقيا باللّه تعالى .

 ويراد بالموت الإختياري : قمع هوى النفس التي بين الجنبين وقلع شهواتها بل قتلها، وهو التوبة بعينها حيث يقول سبحانه: ( فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا انفسكم) و حيئذٍ لن يفزع حينما ينفخ في الصور بل سيكون من ضمن (إلا ما شاء الله ) في قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ)(النمل/87).

إبراهيم الأنصاري 1/1/2016 ، 20 ربيع الأول 1437  الساعة 10:15