غور الماء المعين 20157 20153 20151 هـ - الموافق 07 مايو 2015
غور الماء المعين : وإن كانت مصيبة فقدان إمامنا الحجّة بن الحسن المهدي عجّل الله فرجه عظيمة جدّاً و مؤلمة ، إلا إنّها في نفس الوقت نعمة لك أيها العاشق ، إغتمنها و لا تتجاهلها ، غَيبة الإمام بنفسها مدرسة لتربية العشّاق المحترقة قلُوبهم ،لأنّ الطاقات الإنسانية تنمو و تتكامل تحت ظل غيبته ، و القلوب تصقل في نار فراقه التي هي أشدّ النيران إلاّ أنّ نار الفراق هي الألذ ناراً للمنتظر الواله ، لأنّه يعلم أنّها ستتبدّل إلى الوصال لا محالة ، فهل هناك حالة أجمل من حالة المضطر الذي يكون بانتظار المعشوق ؟
نعم الفراق الذي لا يأمل فيه الوصال هو صعب التحمّل و لا يُصبر عليه كما صرّح بذلك مولى الموحدين في دعاء كميل (فهبني صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك) أما تشاهد أنّ الكثير من اللذين أبعدتهم الظروف عن أهلهم و أحبّتهم و ديارهم كيف نضجت طاقاتهم في ظلّ الغربة فبلغوا مراتب عالية في مجال العلم والأدب و الفن والإبداع ! هؤلاء أصبحوا يعبّرون عن معشوقهم المادي بتعابير محيّرة .
وأنت أيّها العاشق أينما تكون ، فاعلم أنّك تمشي على أرضٍ يمشى عليها فلذة كبد الزهراء عليهما السلام و تصلي حيثما يصلي و تقوم حيثما يقوم (بِنَفْسي اَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنّا، بِنَفْسي اَنْتَ مِنْ نازِحٍ ما نَزَحَ عَنّا ) فمعشوقك عجّل الله تعالى فرجه هو جارك بل هو صاحب البيت و أنت ضيفه ! يا لها من مرتبة يغبطك بها الملائكة المقربون!
عزيزي هل تعلم بأنّه خائف عليك أشدّ من خوف الأب الحنون على ولده ؟ و هل تعلمّ حال إمامك في هذه اللحظة ؟ إذا لم تعلم إذن أيُّ مأموم أنت ؟ أنت نسيته وهو لم ينسك فكيف لو كان في ذُكرك دائما؟
فكم جميل أن يكون فكرنا على كلّ حال مشغولا بإمامنا لا ننساه حتى لحظة واحدة ، وإذا كنت هكذا فيا ترى هو ينساك ؟ يقول الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) (كم من حري مؤمنة، وكم من مؤمن متأسف حران حزين عند فقدان الماء المعين)
إبراهيم الأنصاري البحراني 18 رجب الأصب 1436 الساعة 6:15 صباحاً.