هل سلمت على الحسين حقيقة؟ 20197 20193 20191 هـ - الموافق 12 سبتمبر 2019
(السلام عليك يا اَبا عَبْدِاللهِ وَعَلَى الاَرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُمْ ، اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْنِ)
عندما نسلّم على سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأولاده و أصحابه يا ترى ماذا نقصد بذلك ؟
نريد القول :
سيدي أنت في أمان و سِلم، سيّدي لا خطر يتوجّه إليك ، وليست هناك مشكلة أبداً، فأوّل درجات السلام هو الأمان. وأمّا أعلى درجات السلام فهو يعني أنّ كلّ شيء ممتاز وعلى ما يرام !
ولكن:
في الأشهر الأخيرة أعني قبل محرّم 61 لم يكن أقل معاني السلام جارياً على أبي عبد الله الحسين عليه السلام، فلم يكن الإمام عليه السلام وهو في المدينة المنوّرة مأمونا من خطر بني أميّة الطغاة حيث أنّ كتب يزيد إلى الوليد بن عتبة : (خذ الحسين، بالبيعة أخذاً شديداً، وإذا أبَى فاضرب عنقه، وابعث إليَّ برأسه) ولذلك ظهر الخوف في الإمام لا من الشهادة، بل من اندراس الحق بعده ، وهذا ما يستفاد من كلماته عليه السلام قبل موت معاوية بسنتين حيث حج الإمام عليه السلام و جمع بني هاشم رجالهم ونساءهم ومواليهم وشيعتهم فاجتمع إليهم بمنى أكثر من ألف رجل فقام الحسين عليه السلام فيهم خطيبا فحمدالله وأثنى عليه ثم قال:
"أمّا بعد فإن هذا الطاغية، قد صنع بنا وبشيعتنا ما قد علمتم، ورأيتم، وشهدتم، وبلغكم. وإني أريد أن أسألكم عن أشياء فإن صدقت فصدقوني، وإن كذبت فكذبونى، اسمعوا مقالتي واكتموا قولي، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم، من أمنتم ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون، فإني أخاف أن يندرس هذا الحق ويذهب، والله متم نوره ولو كره الكافرون)
(الاحتجاج ص150،151) ولذلك عندما غادر المدينة المنورة تلا قوله تعالى)فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين)(القصص /21) فلم يكن إمامنا سالماً من الأعداء ولذلك خرج منها إلى مكّة ليلا . وأيضا لم يكن الإمام مأموناً في مكّة بل كان في معرض الإغتيال
وكان خوفه من الاغتيال، لا من أجل نفسه بل كان يخاف من أن يهتك بيت الله الحرام، وقد جاء ذلك في حديثه مع ابن الحنفية في الليلة التي أراد الخروج في صبيحتها عن مكة( فقال: يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم ، فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت)
ثمّ أنّ أهل الكوفة خاطبوه (السلام على الحسين) وهذا كان المفهوم من كتب القوم إلى الإمام، فتوجّه نحو الكوفة، ولكنّهم لم يوفّروا له أقلّ معاني السلام، بل غدروا بسفيره مسلم بن عقيل رحمه الله .
ثمّ توجّه عليه السلام إلى كربلاء، ولم تتوفّر له أقل درجات الأمن و السلامة ، بل أبتلي بأعلى درجات الإرعاب و التخويف و التهديد والحرب التي هي ضدّ السلام الذي وجهّوه إليه.
في مثل هذا الموقف تأتي في الساحة أنت أيّها الشيعي المُوالي يها وتقول (اَلسَّلامُ عَلَی الْحُسَیْنِ).
یعني سيّدي: وإن كان القوم قد سلبوا منك السلام، وخوّفوك وخذلوك! أمّا أنا لست منهم بل أريد أن أسالمك فلن يتوجّه إليك من قبلي أيُّ خطر أبداً!
أصحاب الإمام الحسين عليه السلام حاولوا وبكلّ جدّ و جهد و موقف و سعي أن يبقى الإمام سالما من خطر الأعداء الحاقدين و ذلك خلال بذل أرواحهم الزكيّة (فوقوه بيض الظبى بالنحور البيض، و النبل بالوجوه الصباح) رغم أنّهم لم يتمكّنوا من أنّ يحافظوا على إمامهم لكثرة الأعداء، استشهدوا جميعاً.
و مع ذهابهم ضاق بالإمام ذرعا ًفأصيب الحبيب بأشد ّالضربات حتّى استشهد سلام الله صبراً عطشاناً غريباً ... واحسينا .
ثمّ نحن بعد مئات السنين فتحنا أعينا على الدنيا واطلعنا على واقعة كربلاء المؤلمة فقلنا (السلام على الحسين) هذا يعني: أنّني أريد أن أكون مسالماً معك يا أبا عبد الله ، وكلّ أملي أن لا يحصل خللٌ في حريمك ، فيا سيدي أطلب منك أن لا تقلق من تصرفاتي فأنا سوف أسعى لإصلاح نفسي كيلا أتورّط في مخالفتك سيّدي!
نحن نأمل أن يكون حياتنا (السلام على الحسين) لا أن يكون ذلك مجرّد لقلقة لسان فحسب فالکوفیون قالوا ( السلام على الحسين) ولكن لم يصدّق فعلُهم قولهم فصار سلامهم عداءً وأمانُهم خوفاً ،عاهدوا إمامهم فنقضوا العهد وحاربوه. الشاعر محتشم الكاشاني ره يقول: (از آب هم مضايقة كردن كوفيان ، خوش داشتن حرمت ميهمان كربلا) يعني: (حتّى من الماء ضايقوا الحسين ، حقيقةً احترموا ضيف كربلاء!!)
حينما نقول (اَلسَّلامُ عَلَی الْحُسَیْنِ) هل نحترم اخواننا و اخواتنا المعزّين ، وهل محبوا الحسين في أمان منّى هل الإمام الحسين نفسه في سلم منّي ؟ فلو تعاملتُ بشدّة مع عشّاق الحسين عليه السلام سواء عائلتي أو أصدقائي وأهل بلدي فهل يسوغ لي أن أقول (السلام على الحسين ... وعلى أصحاب الحسين)؟ كلا !
فيا عزيزي:
تعال معي ننتظم في مواقفنا و تصرّفاتها بحيث نجسد (السلام على الحسين) صدقاً ونكون حقيقة سبباً للسلام والإطمئنان و الأمن و الأمان لقتيل كربلاء وعشّاقة .
إبراهيم الأنصاري
ليلة 13 محرم 1441
الساعة 10:30 مساء.