الرجل كل الرجل ! 20187 20183 20181 هـ - الموافق 14 أكتوبر 2018
كم فرق بين المرضعة الحاضنة و بين الأم الحنون ، فهي ترضع الطفل من أجل الحصول على شيء من المال ، و لكن الأم رضاعتها تختلف تماماً هي تعشق ولدها فترضعه حبّا له ومن المستحيل أن يصدر منها شيء يتنافى مع مصلحة الطفل ، فالأم تصرفاتها تنبع من القلب الذي هو مليء بالعشق ، وهذا النمط من الأفعال هي ذات أصول و جذورو كما هو مصطلح في زماننا (ماركة) تكون جميلة حقيقةلا تُقيّم بالقيم الدنيوية أبداً ، بخلاف تلك فهي تجارية بما للكلمة من معنى (غير مسجلة) لا أصالة لها و لا هويّة .
كيف يمكن تمييز الأصيل من غير الأصيل في الأفعال الملكوتية المعنوية ؟
الأصيل هو الذي ينادي بأعلى صوته (أنا أصيل) من خلال الآثار الناتجة و النتائج الحاصلة.
هذا الأمر جار في تقييم الأعمال العبادية ، فكمال الأخلاص يعني أن ينبع العمل من منطلق الحبّ لا غير وهذا ما يسمّى بعبادة الأحرار ، فقلب الحرّ غير متعلق بشيء سوى الله تعالى وهو في أتمّ الإستعداد لتضحية نفسه وماله في سبيل المعشوق . جاء في زيارة الإمام الحسين عليه السلام (و بذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة و حيرة الضلالة). وصفة عاشق الإمام الحسين عليه السلام هو ما ذكره سيد الشهداء (من كان فينا باذلا مهجته، موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا) هنا لا قيمة لأعزّ الأشياء في قبال المعشوق (بأبي أنت و أمي و أهلي و ولدي يا ابن رسول الله) و أثر ذلك هو أنّ العاشق ينطلق إلى زيارة المعشوق راجلاً إنطلاقا جنونياً وكأنّ الإختيار قد سُلب منه وهو في قمّة الوعي ، يتألّم ولا يحسّ بالألم لا في بداية الطريق ولا في نهايته، بل ذلك يزيد في عزمه و حماسه فيعيش في السنة المقبلة من أجل الأربعين ! فحقيق لأن يطلق على هذا الإنسان (الرجل كل الرجل ) في قبال المكبّ على وجهه ! قال تعالى : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الملك/22). فتأمّل و لا تغفل .
إبراهيم الأنصاري البحراني
مشهد المقدّسة
3 صفر المظفر 1440