مختلف الملائكة 20187 20183 20181 هـ - الموافق 23 ديسمبر 2018
لو سألتني عن مهمّة الملائكة و دورهم الرئيس في عالم التكوين و التشريع لأجبتك في كلمة واحدة وهي أنّهم جميعاً : (عمّال الباري جلّ وعلا) وهو ما ذكره سبحانه (فالمدبرات أمرا) وذلك في أربعة أصعدة وهي:
مع الناس عامة و مع المؤمنين خاصة و مع الكفرة والفساق و مع بقية المخلوقات من غير البشر.
فلهم دور في تكوين الإنسان، كما في حديث أبي ذر الغفاري أن الرسول صلى الله وآله قال: (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً، فصوّرها، وخلق سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: أي رب: أ ذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك) وأيضاً لديهم مهمّة حراسة ابن آدم ، وبعضهم سفراء الله لرسله و هو جبريل ، كما أنّ من مهامهم نزع أرواح العباد وهو يختص بعزرائيل عليه السلام، والصلاة على المؤمنين و تسديدهم ،, والاستغفار لهم وشهود جنازتهم. كما أنّ للجبال ملكا موكلا بها، وللقِطر والنبات ملك موكل بهما، و هو ميكائيل كما أنّ للسحاب ملكا موكلا بها ، وقد جمع الإمام السجّاد عليه السلام ذلك في دُعَائِهِ في هذا الصدد فقال :( وَ خُزَّانِ الْمَطَرِ ، وَ مُشَيِّعِي الثَّلْجِ وَ الْبَرَدِ وَ الْهَابِطِينَ مَعَ قَطْرِ الْمَطَرِ إِذَا نَزَلَ، وَ الْقُوَّامِ عَلَى خَزَائِنِ الرِّيَاحِ وَ الْمُوَكَّلِينَ بِالْجِبَالِ فَلاَ تَزُولُ، وَ الَّذِينَ عَرَّفْتَهُمْ مَثَاقِيلَ الْمِيَاهِ وَ كَيْلَ مَا تَحْوِيهِ لَوَاعِجُ الْأَمْطَارِ وَ عَوَالِجُهَا، وَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَ الْحَفَظَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ وَ مَلَكِ الْمَوْتِ وَ أَعْوَانِهِ وَ مُنْكَرٍ وَ نَكِيرٍ ... الخ)
هنا ينشأ سؤال آخر وهو :
أنّ الملائكة سواء المقربين أو الموكلين ينبغي أن يتفرغوا لتأدية مهامّهم فماذا يعني قول أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام حين خروجه من المدينة:
(نحن أهل بيت النبوّة و معدن الرسالة و مختلف الملائكة) وأيضا (عن الصَّادِقَ عليه السلام نَحْنُ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ- وَ مَعْدِنُ الرِّسَالَةِ وَ مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ) و (عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ :... نَحْنُ الَّذِينَ إِلَيْنَا مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ) وفي زياراتهم عليهم السلام ( مَوْضِعُ الرِّسَالَةِ وَ مُخْتَلَفُ الْمَلَائِكَةِ)
وهل (مختلف الملائكة ) يعني أنّهم يترددون إليهم للسلام و التحيّة و عرض الأعمال فقط!
أقول :
ليس كذلك ، بل الملائكة تأتي لتكتسب الإذن و الحكم منهم في تدبير الأمور، فهي تتلقى الأوامر فتنفّذها، فلا يتحقق شيء في عالم التكوين و التشريع إلى بإذنهم ورضاهم عليهم السلام ، الذي رضا الله تعالى بعينه.
ففي ليلة القدر يتلقون الحكم و التقدير من صاحب الأمر للسنة بنحو كلّي و بعد ذلك يتمّ ذلك تفصيلا.
فهم عدل القرآن الكريم (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)(هود/1).
و في هذا المجال وردت أحاديث كثيرة كما أنّ الأدعية و الزيارات تؤكّد على ذلك ، ففي زيارة الجامعة الكبيرة (بِكُمْ فَتَحَ اللهُ وَبِكُمْ يَخْتِمُ، وَبِكُمْ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَبِكُمْ يُمْسِكُ السَّماءَ اَنْ تَقَعَ عَلَى الاَرْضِ اِلاّ بِاِذْنِهِ، وَبِكُمْ يُنَفِّسُ الْهَمَّ وَيَكْشِفُ الضُّرَّ) وأيضاً (وَ بِکُمْ تُنْبِتُ الْأَرْضُ أَشْجَارَهَا وَ بِکُمْ تُخْرِجُ الْأَرْضُ [الْأَشْجَارُ] أَثْمَارَهَا وَ بِکُمْ تُنْزِلُ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَ رِزْقَهَا- وَ بِکُمْ یَکْشِفُ اللَّهُ الْکَرْب).
فيا عزيزي: تعرّف على إمامك جيّداً فهو الواسطة في تحقق كل الأمور بلا استثناء حتى اختيارك أنت! فتأمّل ... فلا يرزق كائن و لا تسقط ورقة ولا يموت الأحياء و لا يحيى الموتى ولا يتنعم أهل الجنّة بنعمها إلا بأمرهم وحكمهم سلام الله عليهم و على جدّهم وأمهم وجعلنا وإياكم من شيعتهم وحشرنا في زمرتهم .
خادم خدامهم
إبراهيم الأنصاري البحراني
الأحد 15 ربيع الثاني 1440
الثامنة صباحاً