جوائز العيد : 20197 20193 20191 هـ - الموافق 07 يونيو 2019
لو كنّا نمتلك رؤية ملكوتية وكنّا نشاهد باطن الأشياء و حقائقها، فيا ترى ماذا كنّا نرى حين حلول شهر رمضان و حين انتهائه ؟
ماذا تشاهد حوالي كربلاء قبل يوم الأربعين بشهر ؟
الخيم تنصب ، المضائف تُجهّز ، المآتم تفرش ، السواء ينصب ، المواكب تَنقل ، الأعلام تُجهَّز ، الصوتيات تتهيأ القرّاء تستعدّ و هكذا ، كلّ ذلك لأهميّة ذلك اليوم و حيويته في بناء العقيدة و تحريك الأمّة نحو الهدف الأسمى الذي من أجله تحققت واقعة الطفّ .
قبل حلول شهر رمضان المبارك و بالتحديد من بداية شهر رجب الأصبّ هناك تغييرات في الملأ الأعلى، فوج من الملائكة نازل من سماء إلى سماء و فوج صاعد وهي في حالةٍ من الانتظار و الترقُّب و الإستعداد.
و كما أنّ الأسماك متعلّقة بالماء، فالملائكة حياتها رهينةٌ لوجودها و تعلّقها في السماوات العلى، فهي بحاجة إلى الروح الذي يُعطيها القوى كيما تتمكّن من النزول إلى السماء الدنيا ، وهذه المعيّة جعلتها تنتظر ذلك ، كلّ ذلك من أجل أن تصطحب معها من كلّ أمر يتعلّق بمستقبل العالم كلّه وبالبشرية بصورة خاصّة.
وقد ورد في الحديث عن زرارة عن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث ...(والروح روح القدس وهو في فاطمة عليها السلام) ، وفي الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزّوجلّ (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) ؟ قال: خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو مع الأئمّة وهو من الملكوت) وقد اثبتنا ذلك في بحث سابق مع الشواهد الكثيرة .
إذن هي بانتظار ذلك الروح الكريم هناك، كما ورد في صلواتها (والكريمة عند الملأ الأعلى) لاحظ قوله تعالى: (يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ...)(النحل/2).
فلولا الروح لم تتمكن الملائكة من تحقيق هذا الإنجاز، ومن هنا صارت ليلة القدر ذات شأن عظيم بحيث عبّر سبحانه عنها (ما أدراك) والآية التالية (تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ)(القدر/4). لا تعني المعيّة الصرفة بل تعني تبعية الملائكة للروح.
يبقى سؤال هنا وهو أنّ الشخص الذي يستقبل الروح أو بالأحرى يتلقى الروح وهو يصطحب معه الأمر، من هو ؟
يقول سبحانه (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ...)(غافر/15).
ولا شكّ أنّه هو الإنسان الكامل المعصوم وفي عصرنا هو ولي العصر عجّل الله فرجه ولذلك يُطلق عليه (صاحب الأمر) (ولي الأمر) حيث أنّ أمور الخلق خلال السنة تصل إليه وهو الذي له أن يمضيها أو يردّها.
وعلى ضوءه يكون لعيد الفطر شأن عظيم ومنزلة رفيعة كمنزلة الجنّة في يوم الجزاء حيث تُمنح فيه الجوائز و يتشخّص مصير الأشخاص و المجتمعات فتأمّل و لا تغفل .