إيّاك و الإنتظار ! 20217 20213 20211 هـ - الموافق 19 يوليو 2021
فی الثمانینات کنت مرشداً للحجاج العرب من مدينة خوزستان و لم تكن الجمهورية بالمستوى الفعلي من ناحية الإقتصاد فأكثر الحجاج كانوا بصدد شراء مستلزمات البيت الكهربائية من مكّة و مدينة ، تبدأ من الدمى للأطفال وتنتهي إلى التلفزيون و الثلاجة و الغسالة و ما شابهها ، كان أحدهم يعمل كمصلّح للأجهزة الكهربائية فيذهب إلى محلّ بيع دمى الأطفال فيشتري العاطبة منها - وكانت كثيرة - فيصلحها و يبيعها على الحجاج بنصف سعر الجديد ، فحصل على مال كثير فاشترى جهازاً للتصوير(كاميرا) احترافية فأراد مني أن أرشده إلى مشروع يتمكن من خلاله أن يجني مالا من هذا الجهاز فخطرت ببالي فكرة كانت تنفع آن ذلك فاقترحتها عليه وقلت له :
مادام الناس لا يمتلكون هذا الجهاز وأنت عاطل لا تعمل ، تجوّل في القرى لتعثر على شيوخ كبار في السن وهم على عتبة الموت جالسين خارج البيت يستشمّون الهواء النقي فتحدث معهم و سجّل لهم لقطات جميلة وهم يتحدثون عن حياتهم ثمّ أرشفها عندك ، وبعد وصول خبر وفاتهم إليك فاعرض الفيلم الوثائقي على أهليهم ليتذكرو والدهم الحنون فتدخل في قلبهم السرور (عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: مَا [مِنْ] عَمَلٍ يَعْمَلُهُ الْمُسْلِمُ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ إِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَ مَا مِنْ رَجُلٍ يُدْخِلُ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بَاباً مِنَ السُّرُورِ، إِلَّا أَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ بَاباً مِنَ السُّرُورِ ) مستدرك الوسائل: 12/ 396 ح 14400. فإن رغبوا في اقتناء الفيلم (و سيرغبون قطعاً) فأعرضه للبيع عليهم مع مراعاة الإنصاف ! أعجبته الفكرة كما أعجبتكم أنتم !
ولكن ختمت كلامي معه بهذه الجملة (إيّاك وأن تنتظر مماتهم) فإنّ هذا الإنتظار مكروه (رَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ص فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلَّمْتُ ابْنِي هَذَا الْكِتَابَ فَفِي أَيِّ شَيْءٍ أُسْلِمُهُ فَقَالَ أَسْلِمْهُ (لِلَّهِ أَبُوكَ) وَ لَا تُسْلِمْهُ فِي خَمْسٍ لَا تُسْلِمْهُ سَيَّاءً وَ لَا صَائِغاً وَ لَا قَصَّاباً وَ لَا حَنَّاطاً وَ لَا نَخَّاساً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ مَا السَّيَّاءُ قَالَ الَّذِي يَبِيعُ الْأَكْفَانَ وَ يَتَمَنَّى مَوْتَ أُمَّتِي وَ لَلْمَوْلُودُ مِنْ أُمَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ...) من لا يحضره الفقيه ؛ ج3 ؛ ص158 (و السياء بالياء المثناة المشددة لعله من السوء و المساءة أو من السيء بالفتح)
هذا :
ولنعلم بأن قوانين عالم البرزخ تختلف تماماً عن قوانين الدنيا ، فلا يفرح الميّت بالشهرة أبداً إلا إذا كانت هذه الشهرة توجب ترحّم الناس عليه فحينئذٍ يأنس بأعمال الخير التي تصل إليه لا غير بمعنى أنّها لا تخفف من عذابه ابداً إلا إذا كانت صدقة جارية هو أوجدها في حياته أو وصى بها من ثلث ماله في الكافي ج7 ؛ ص574 باسناده عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: (قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام مَا يَلْحَقُ الرَّجُلَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ: سُنَّةٌ سَنَّهَا يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونُ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَ الصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ تَجْرِي مِنْ بَعْدِهِ وَ الْوَلَدُ الصَّالِحُ يَدْعُو لِوَالِدَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا وَ يَحُجُّ وَ يَتَصَدَّقُ عَنْهُمَا وَ يُعْتِقُ وَ يَصُومُ وَ يُصَلِّي عَنْهُمَا فَقُلْتُ أُشْرِكُهُمَا فِي حَجِّي قَالَ نَعَمْ.) وأيضاُ ( عَنْ أَبِي كَهْمَسٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: سِتَّةٌ تَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَلَدٌ يَسْتَغْفِرُ لَهُ وَ مُصْحَفٌ يُخَلِّفُهُ وَ غَرْسٌ يَغْرِسُهُ وَ قَلِيبٌ يَحْفِرُهُ وَ صَدَقَةٌ يُجْرِيهَا وَ سُنَّةٌ يُؤْخَذُ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ)