الشهادة والإنتظار في منطق سيد الشهداء عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الشهادة و الانتظار
"مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً"(الأحزاب/23).
الآية المباركة من جملة الآيات التي تلاها سيد الشهداء أبو عبدالله الحسين (ع) في مواطن عديدة:
منها: عندما وصل استشهاد قيس بن مسهر الصيداوي إلى الإمام عليه السلام، فترقرقت عينا الحسين عليه السلام ولم يملك دمعه ثم قال : " فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً"(الأحزاب/23). اللهم اجعل لنا ولهم الجنة نزلا ، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك ورغائب مذخور ثوابك .( مقتل أبي مخنف ص 90).
منها: عندما استشهد مسلم بن عوسجة " فمشى اليه الحسين فإذا به رمق فقال رحمك ربك يا مسلم بن عوسجة "فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً"(الأحزاب/23).
ودنا منه حبيب بن مظاهر فقال : عزّ علي مصرعك يا مسلم ابشر بالجنة ، فقال له مسلم قولاً ضعيفاً : بشّرك الله بخير ، فقال له حبيب : لولا أني أعلم أني في أثرك لاحق بك من ساعتي هذه لأحببت أن توصيني بكل ما أهمّك حتى أحفظك في كل ذلك بما أنت أهل له في القرابة والدين، قال : بل أنا أوصيك بهذا رحمك الله - وأهوى بيده إلى الحسين- أن تموت دونه ، قال : أفعل ورب الكعبة" ( مقتل أبي مخنف ص 138).
منها ما في البحار : " وكان كل من أراد الخروج ودع الحسين عليه السلام وقال : السلام عليك ياابن رسول الله ! فيجيبه وعليك السلام ونحن خلفك ، ويقرأعليه السلام " فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً"(الأحزاب/23). (بحار الأنوار ج ص 16).
ومنها: ما في البحار أيضاً "وكان يأتي الحسين عليه السلام الرجل بعد الرجل فيقول : السلام عليك ياابن رسول الله فيجيبه الحسين ، ويقول : وعليك السلام ونحن خلفك ، ثم يقرأ " فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" حتى قتلوا عن آخرهم رضوان الله عليهم ولم يبق مع الحسين إلا أهل بيته"
(فلنتحدَّث عن مفهوم هذه الآية المباركة ونبين معنى كل من مصطلح "الرجال" في الآية المباركة ، و مفهوم "من قضى نحبه" ومصداقها ، وأيضاً "من ينتظر" وبما أنّنا نُعدُّ من المنتظرين إن شاء الله تعالى فلا بدَّ أن نعرف أهمية هذه العبادة أعني الانتظار خاصة في الوضع الراهن الذي نعيش فيه الأزمات الصعبة و المصائب العظيمة التي تحلُّ بنا من الشياطين وعلى رأسهم الشيطان الأكبر أمريكا المجرمة.
البحث الأول : المقصود من الرجال:
كلمة الرجل وإن كانت مختصة بالذَكر من الناس؛ إلا أنَّ القرآن الكريم كثيراً ما يريد بها الفحول من الناس الذين لهم القوّامية على أنفسهم الأمّارة بالسوء سواءً كانوا رجالاً أو نساءً ، خصوصاً إذا جاءت نكرةً من غير الألف واللام ، قال العلامة الطباطبائي رضوان الله تعالى عليه في تفسير الآية 46 من سورة الأعراف وهي : {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ}(الأعراف/46). قال: ثم إن التعبير بمثل قوله: «رجال يعرفون» إلخ، و خاصة بالتنكير يدلّ بحسب عرف اللغة على اعتناء تام بشأن الأفراد المقصودين باللفظ ؛ نظراً إلى دلالة الرجل بحسب العادة على الإنسان القوي في تعقله و إرادته، الشديد في قوامه .
و قال : فالمراد برجال في الآية أفراد تامُّون في انسانيتهم لا محالة، و إن فرض أن فيهم أفراداً من النساء كان من جهة التغليب.
وهناك شواهد لذلك كقوله تعالى:
1- {وَقَالُوا مَا لَنَا لاَ نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنْ الأَشْرَار}(ص/62). و لا يخفى أنّ الأشرار لا يختصون بالرجال بل فيهم النساء أيضاً.
2- {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}(التوبة/108). فيا ترى هل كل من كان في مسجد "قُبا" كان رجلاً ؟ قطعاً لا؛ بل إن هؤلاء القوم كانوا من خيار الناس ممن لهم شعور ديني قوي لا تغرُّهم شعارات المنافقين المتواجدين في مسجد "ضرار" رغم كثرتهم فهم إذن رجالٌ بما للكلمة من معنى.
3- {رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}(النور/37). وأمّا هذه الآية فهي وردت في شأن بيت النبوَّة والرسالة بيت علي وفاطمة، فهي سلام الله عليها ممن لا تلهيه أمور الدنيا عن ذكر الله ، وكأنَّ الآية تريد تفسير كلمة الرجال أيضاً، فالكلمة تطلق على من عقله وقلبه قوّام على نفسه وشهوته ولا يشغله شيء عن ذكر الله تعالى .
ومن لطيف بيان القرآن ما في قوله تعالى : {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ}(يوسف/30). فما هو السبب في تذكير كلمة "قال" ألم يكن الأنسب أن يقول "قالت" ؟ ذكروا في توجيه ذلك ما لا يتناسب مع المقام، والأنسب أن نقول: أنّ السبب في ذلك هو القول أنّ منطقهن كان رجولياً و قوّاماً كما لا يخفى ذلك على من تأمَّل في كلامهن.
وهذا بخلاف منطق الأعراب الضعيف في قوله :{قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ..}(الحجرات/14). فلا رجولة في كلامهم ولذلك جاء سبحانه بضمير المؤنَّث في "قالت".
نساء الطف:
الجدير بالذكر أنّ هناك عدداً من النساء لهنَّ علاقة وثيقة بواقعة الطف، سواءً اللاتي استشهدن بين يدي الإمام الحسين عليه السلام أو اللاتي كنّ من المنتظرات، نذكر بعضهنَّ :
إمرأة وهب: حين ذهبت لتمسح الدم عن وجه زوجها فبصر بها شمر، وأمرغلاماً له فضربها بعمود كان معه فشدخها وقتلها، وهي أول امرأة قتلت في عسكر الحسين عليه السلام.(بحار الأنوار 17:45).
أمّ وهب: وهي التي تناولت عموداً وبرزت إلى القتال، إلا أن الإمام الحسين ردّها وقال: ليس على النساء جهاد، ثمَّ أرسل إليها الشمر غلاماً ضربَها على رأسها بعمود فقتلها.
(كتاب عوالم (الإمام الحسين):482، وأنصار الحسين :61نقلا عن تاريخ الطبري).
مارية بنت سعد: كانت شجاعة من شيعة البصرة، وكانت دارها من منتديات الشيعة وفيها تذاع فضائل أهل البيت عليهم السلام وتنشر مآثرهم، وفي أيّام ثورة الحسين استجاب لدعوته بعض من كان يتردد على دارها والتحقوا به.(حياة الإمام الحسين 328:2) .
وعلى هذا الأساس فلا إشكال أن الرجال في الآية المباركة تشمل هؤلاء النسوة الشهيدات والمنتظرات.
البحث الثاني: ماذا يعني من قضى نحبه ؟
قال الراغب في مفرداته :
"النحب النذر المحكوم بوجوبه يقال قضي فلان نحبه أي: وفي بنذره، قال تعالى"فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر". ويعبر بذلك عمن مات كقولهم: قضي أجله واستوفي أكله وقضي من الدنيا حاجته"
فقضاء النحب يعني الوفاء بالنذر والعهد، بشهادة قوله تعالى : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه .
فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هو ذلك العهد الذي صدقوا به؟
قد أجاب على هذا السؤال أهل بيت العصمة والطهارة في تفسيرهم للآية الكريمة حتى نعرف معنى قضى نحبه والعهد، نذكر روايتين:
1- في روضة الكافى عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبى عبدالله عليه السلام أنه قال لأبى بصير : يا أبا محمد لقد ذكركم الله في كتابه فقال : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً أنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا، وأنكم لم تبدلوا بنا غيرنا "
2- "عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعرى عن عبدالله بن ميمون القداح عن أبى عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا علي من أحبك ثم مات فقد قضى نحبه ، ومن أحبك ولم يمت فهو ينتظر ، وما طلعت شمس ولا غربت إلا طلعت عليه برزق وإيمان وفى نسخة نور "
نستفيد من هذين الحديثين أنّ النحب في الآية هو الولاية وهو العهد المذكور في قوله تعالى : {وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}(البقرة/124).
وفي قبال قوله: من قضى نحبه هناك الذين ينقضون الميثاق وقد ورد ذكرهم في قوله:
{وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}(الرعد/25).
وقد لاحظت ما في الحديث الثاني قوله عليه السلام : " أنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا "
وأمّا الشهادة فهي المصداق البارز والتجلي الحقيقي للوفاء بالعهد، فهو فداء عملي للولاية وتجسيد واقعي للمحبَّة والعشق وقضاء النحب والعهد و الميثاق.
ولذلك نشاهد أصحاب الإمام الحسين عليهم السلام كانوا يرون أنفسهم بين الخوف والرجاء، فعندما يسقطون على وجه الأرض شهداء ينادون الحسين "أوفيت بابن رسول الله" كما ورد في شأن أحد أصحابه:
"فجعل يلتقي السهام بجبهته وصدره فلم يصل إلى الحسين ( ع ) سوء حتى أثخن بالجراح ، فالتفت إلى الحسين ( ع ) فقال : أوفيت بابن رسول الله ؟ قال: نعم أنت أمامي في الجنة ، فاقرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السلام واعلمه إني في الأثر . فخر رضوان الله عليه"
البحث الثالث: ومنهم من ينتظر.
أود الإشارة إلى خبر تم نشره في سنة 1980 حيث أقيم مؤتمراً في تل أبيب للحديث عن المدرسة الشيعية، حيث كانوا يتصورون أن الإسلام ينحصر بالمذهب السني المتجسد في إسلام الأزهر ، وبعدما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران و أطيح بالشاه ونظامه الفاسد، أقاموا مؤتمراً اجتمع فيه مفكرون كثيرون من أديان مختلفة ليفكروا في حل للقضاء على التشيع ، فوصلوا إلى نتيجة وهي أن المذهب الشيعي يبتني على أمرين رئيسيين لابدّ من القضاء عليهما بتشويههما، وهما في الحقيقة رؤيتان أصيلتان:
1-رؤية حمراء: و هي إحياء ذكرى عاشوراء في كل عام.
2- رؤية خضراء: وهي انتظار فرج مصلح عالمي.
فبدؤوا بمحاربة القضية الحسينية من خلال التركيز على إحدى الظواهر الدخيلة على الشعائر الحسينية و التي يتبناها بعض أتباع هذا المذهب وهي ظاهرة "التطبير" وضرب القامة، فشرعت وسائل الإعلام في إبراز هذا الأمر كنقطة سوداء في هذا المذهب، وأخذت الفضائيات تنشر مشاهداً من إراقة الدماء في ذكرى سيد الشهداء من قبل شرذمة إمّا جاهلة -وهم الأكثرية - وإمّا دخيلة ، كما كان لصفحات الإنترنت الدور الفعّال في هذا المجال.
ومما لا شكّ فيه أن منظر الدم بطبيعته ينفر الإنسان خاصةً لو تلطّخ به الوجه، وبذلك حاول الأعداء إيجاد حالة من الاشمئزاز والنفور تجاه هذا المذهب الحق، ولكنّهم لم ينجحوا في هذا الأمر أصلاً؛ لأنَّ الدولة الممثلة للتشيع -أعني الجمهورية الإسلامية في إيران- وعلى رأسها ولي أمر المسلمين الإمام الخامنه أي وقف بقوَّة في قبال هذه الحركة، وكانت هذا الفتوى بحرمة التطبير نوعاً من المواجهة لأعداء أهل البيت عليهم السلام ، فبهت الذي كفر.
وأما مسألة الإنتظار فقد حاولوا تشويهها بتفسير الانتظار تفسيراً خاطئاً وأنّه إنما يعني السكون والخنوع وقبول الظلم وعدم الاهتمام بالأمّة حتى يملأ الله الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملأت ظلماً وجوراً، فلا داعي إذاً لمواجهة الأعداء ولا شرعية للجهاد والنضال والوقوف قبال الظالمين، وهذا ما كانت تتبناه منظمة الحجتية قبل انتصارالثورة الإسلامية، وهذه الرؤية الباطلة قد فندتها الثورة المباركة بانتصارها المدوّي فصار هذا الحزب يسمّى بحزب القاعدين فلا دور لهم بعد ذلك ولا تأثير.
حقيقة واحدة في مظاهر مختلفة:
الانتظار هو نوع من الجهاد في سبيل الله، بل هو الجهاد بنفسه في لباس آخر، كما أنّ الشهادة هي تجسيد الجهاد وتحقيقه من خلال إراقة الدم.
على هذا الأساس لا يصحّ إطلاق كلمة الانتظار إلا على مجموعة خاصة من البشر، فالعدوّ أيضاً ينتظر الإمام لمحاربته والقضاء عليه؛ وفي الآونة الأخيرة وصلتنا أخبار غريبة حيث نقل سماحة السيد صدر الدين القبانجي - إمام جمعة النجف الأشرف بعد الشهيد السعيد السيد الحكيم رضوان الله تعالى عليه، وهو معدود من أبرز المجاهدين - أنّه قال: إنَّ الأميركين يعتقلون بعض طلاب العلم ويضربوهم ضرباً مبرحاً، طالبين منهم أن يدلوهم على المهدي وعنوانه في الكوفة وعن أنصاره وسلاحه !
وهناك شواهد كثيرة تؤكِّد على أنّ زحفهم هذا إنّما هو للحيلولة دون وقوع ثورة عالمية بقيادة الحجَّة عجَّل الله فرجه (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)(الأنفال/30).
ومن غريب الأمر أنَّنا كثيراً ما كنا نتوقف عند قضية الإمام الثاني عشر أرواحنا فداه حينما سيخرج من مكَّة ويجعل الكوفة مقرّاً له، وكيف أنه سيهتف بشعار يا لثارات الحسين بقصد تحقيق ثورة عالميَّة شاملة ، فكنّا نتساءل : أنّى للشعوب في العالم أن تستجيب لذلك وهي لا تعرف من هو الحسين وأين كربلاء ؟
ولكنكم قد رأيتم نصب أعينكم ماذا يحدث في كربلاء في زيارة الأربعين و يوم عاشوراء، وكيف توجَّهت جميع الفضائيات إلى هناك بحيث لم يعد هناك أي انسان في أدنى الأرض أوأقصاها إلا وقد عرف كربلاء! وهذا إنّما هو مؤشر لطلوع الصبح ، (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)(هود/81) .