نور الأربعين (الحلقة الخامسة)
الموضوع: نور الأربعين، نور الأربعين (الحلقة الخامسة)
لا شكّ بأنّ مصدر و معدن النور هو الحرم المطهَّر لسيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام
وهو نور من جنس الملكوت قد عرّفه الله في آية النور و قال : (مثل نوره كمشكوة فيها مصباح ) إلى قوله (يهدي الله لنوره من يشاء) وهذه الهداية تتحقّق في الأربعين و في تلك الأرض المقدَّسة فيهتدي المؤمنون بهذا النور إلى بيوت النبوّة و الرسالة فقال: (في بيوت أذن الله أن ترفع).
هنا سؤال يطرح نفسه و هو :
ماذا يعني الرفع و أين هو؟
أقول : إن الإرتفاع دائماً يعني في الملكوت بخلاف الفضل فهو في السماوات!
ويدلّ على ذلك قوله (يوقد من شجرة مباركة زيتونة) فالأشجار ثلاثة :
الأولى : سدرة المنتهى، و قد ورد فيها قوله تعالى (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) وهي شجرة محلّها السماء السابعة و جنة المأوى تكون عندها(ٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: انْتَهَى النَّبِيُّ ص إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَ انْتَهَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى قَالَ فَقَالَتِ السِّدْرَةُ مَا جَاوَزَنِي مَخْلُوقٌ قَبْلَكَ ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) بصائر الدرجات ج1 ؛ ص192
الثانية : شجرة طوبى وهي في الجنّة ويدلّ على ذلك الحديث التالي : (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص يُكْثِرُ تَقْبِيلَ فَاطِمَةَ ع فَغَضِبَتْ مِنْ ذَلِكَ عَائِشَةُ وَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ (ص) إِنَّكَ تُكْثِرُ تَقْبِيلَ فَاطِمَةَ ع فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص) يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَأَدْنَانِي جَبْرَائِيلُ ع مِنْ شَجَرَةِ طُوبَى وَ نَاوَلَنِي مِنْ ثِمَارِهَا فَأَكَلْتُهُ- فَلَمَّا هَبَطْتُ إِلَى الْأَرْضِ حَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ مَاءً فِي ظَهْرِي- فَوَاقَعْتُ خَدِيجَةَ فَحَمَلَتْ بِفَاطِمَةَ فَمَا قَبَّلْتُهَا إِلَّا وَجَدْتُ رَائِحَةَ شَجَرَةِ طُوبَى مِنْهَا)
وفي كتاب كمال الدين و تمام النعمة باسناده ...عن ابى بصير قال:
(قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: طوبى لمن تمسك بأمرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ لقلبه بعد الهداية، فقيل له: جعلت فداك و ما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة أصلها في دار على بن ابى طالب عليه السلام، و ليس مؤمن الا و في داره غصن من أغصانها، و ذلك قول الله عز و جل: «طُوبى لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ».)
الثالثة:شجرة مباركة زيتونة وهي في الملكوت لا المُلك لأنّ الملك يبدأ من الكرسي إلى ما دونه فالمشكاة و المصباح و الزجاجة كلّها من النور الملكوتي ، نوصفهم عليهم السلام (أنوار الملكوت). فكلّ آيات النور تتحدّث عن الملكوت .
*آيات الملكوت : 1-(أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ...)(الأعراف/185). 2-(وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ)(الأنعام/75). 3-(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُون)(المؤمنون/88). 4-(فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(يس/83).
الظلمة الملكوتية .. الدليل على أن هذا النور ملكوتي هو:
*(وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)(النور/39). (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ)(النور/40).
الدليل على كون هذا النور ملكوتي: *(أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ)(النور/41). وقد أراه الإمام الباقر عليه السلام: لأبي بصير يقول قال عليه السلام أدن, فدنوت منه فمسح بيده على عيني فدعا بدعوات فعدت بصيراً فقال لي: انظر يا أبا بصير إلى الحجيج فنظرت فإذا أكثر الناس قردة وخنازير! والمؤمن بينهم مثل الكوكب اللامع في الظلمات فقلت: صدقت يا مولاي ما أقل الحجيج وأكثر الضجيج)
ثمّ قال تعالى : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ)(النور/42). الدليل عليه هو : (أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ)(النور/43). (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً ِلأَوْلِي الأَبْصَارِ)(النور/44). (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(النور/45).
إطرح سؤالاً حول هذا الموضوع: