نور الأربعين (الحلقة السابعة)
الموضوع: نور الأربعين، نور الأربعين (الحلقة السابعة)
مسيرة الأربعين قد أحياها الله سبحانه من دون أن يكون للناس دور في ذلك .
الدليل على ذلك :
أنّ كافة الأقوام و الأحزاب و التجمّعات مشتركة في تصرّفها و مواقفها و رؤيتها من دون فرق بينها ، فكما أنه تعالى لإثبات التوحيد يستدل بقوله :
(مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ)(المؤمنون/91). (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)(الأنبياء/22).
ولإثبات أن القرآن الكريم صادر منه يقول:(أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا)(النساء/82).
فكذلك بالنظر إلى صعيد كربلاء يمكننا أن نستدلّ على أن الله تعالى بجماله و جلاله هو المتكفل لإدارة هذه الواقعة العظمى من دون أن يكون للبشر دوراً في ذلك ، اللهم إلا أنّ تعالى يشارك الناس من أجل أن يثيبهم ، فوزان الأربعين وزان الصلوات على محمّد وآل محمّد فهو تعالى إنّما دعا الناس للصلاة على النبي و آله فمن أجل أن يفيض عليهم من نعمه و بركاته لا غير.
هنا سؤال آخر يطرح نفسه :
وهو : لماذا بالتحديد توجّه سبحانه في هذا الزمان إلى الأمّة مباشرةً ؟
أقول :
لسببين : أحدهما : أنّ الأعداء بالفعل قد اكتسحوا الساحة بصدد القضاء على الدين وبالتحديد على الإسلام المحمّدي الأصيل المتمثِل في المذهب الحقّ وأرادوا بكلّ ما لديهم من طاقة أن يقضوا على كلّ ما له صلة بالنور الإلهي وهم أهل البيت عليهم السلام وهنا بصريح القول قد وعد سبحانه أن يتمّ نورهم فقال :
(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)(التوبة/32).
و ثانيهما : أنّ الأمّة لمّا أحسّت بخطر الأعداء و مسّت الضرّ جائت ببضاعتها المزجاة لعلّ الله يرحمها و يتصدّق عليها، فطبقاً للسنّة الإلهية المبيّنة في قوله (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ...)(الرعد/11). وأيضاً قد وعد الله أن يتمّ نوره بالمؤمنين فقال(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)(الصف/8).
ولا يخفى عليك أنّ المصداق البارز لهذا النور هو نور الإمام الحسين عليه السلام : وقد ورد ذلك في زياراته عليه السلام نكتفي بموردين:
1-ِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع إِذَا أَرَدْتَ الْمَسِيرَ إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَصُمْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَ الْخَمِيسِ وَ الْجُمُعَةِ فَإِذَا أَرَدْتَ الْخُرُوجَ فَاجْمَعْ أَهْلَكَ وَ وُلْدَكَ... كُنْتَ نُوراً فِي الْأَصْلَابِ الشَّامِخَةِ وَ نُوراً فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَ نُوراً فِي الْهَوَاءِ وَ نُوراً فِي السَّمَاوَاتِ الْعُلَى كُنْتَ فِيهَا نُوراً سَاطِعاً لَا يُطْفَأُ ) كامل الزيارات، النص، ص: 224
2- (بِضِيَاءِ نُورِكَ اهْتَدَى الطَّالِبُونَ إِلَيْكَ سَيِّدِي أَشْهَدُ أَنَّكَ نُورُ اللَّهِ الَّذِي لَمْ يُطْفَأْ وَ لَا يُطْفَأُ أَبَداً ) بحار الأنوار، ج98، ص: 252
إطرح سؤالاً حول هذا الموضوع: