الفقيه العارف 20157 20153 20151 هـ - الموافق 22 يوليو 2015
بالتأكيد أنّ كلا منكم عندما يتلوا القرآن الكريم فيصل إلى قوله تعالى عن لسان العبد الصالح خضر عليه السلام لموسى (قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا، قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْرًا)(الكهف/67-69).يتسائل مع نفسه ، هل يعقل أنّ نبياً أولي العزم لا يصبر على ما شاهده من عبد من عباد الله فلماذا اتّخذ موقفاً منه رغم أنّه اتفق معه أن يصبر و لا يعارضه فيما يصدر منه!
أقول: هناك دليل منطقي على عدم صبر موسى وهو أنّه عليه السلام كان نبياً أولي العزم فهو صاحب شريعة ظاهرية فبما أنّه مسؤول في حفظ ظاهر الدين والأمّة فلا يتحمذل أيَّ خلل في النظام بلغ ما بلغ ! حتى لو كان الخلل لمصلحة ما لها علاقة بالعدل .
للتقريب نذكر مثالا : إنّ مسؤولا في بلدية المدينة كلّ فكره يتمركز على حفاظ نظم ظاهر البلاد فلا يتحمل أيَّ خلل أو نقص أو مخالفة قانون يعرقل النظام ، حتى لو كان بناء مسجد جامع مهمّ و ضروري ومن حقّه أنيواجه العمّال حين العمل وهو يخالفون القوانين الظاهرية ويطلب منهم أن يستروا العمل بحاجز ما حفاظا على جمال البلدة حتّى لو كلّف ذلك عرقلة العمل .
فالنبي موسى غيرته و حميّته بما أنّه من الأنبياء أولي العزم تتطلب منه أن يعارض أفعال خضر فلم يتحمّل هكذا حركات من خرق السفينة و قتل الغلام و بناء الجدار ! وأما الخضر فلا يهمه ذلك فهو يعمل بعلمه الغيبي بهدف تحقيق الحقّ ! فكلا الموقفين في محله .
والجدير أن أفعال خضر حيث كانت تتطابق مع القسط والعدل كما هو واضح هي أفعال مهدوية فبه يملأ الله الأرض قسطا و عدلا .
وأشير هنا إلى أن موقف الفقهاء العظام من العرفاء الربانيين هو كموقف موسى من العبد الصالح ، فالفقهاء بحسب الظاهر يعملون طبقاً للقاعدة ( كل شيء لك حلال حتى تعرف انه حرام بعينه) فيفتون بأكل ما ظاهره حلال ولا يعتنون بالشك دون العرفاء فهم يبتعدون حتى من الحلال فكيف بالمشتبه لأنّه لا يهمهم الظاهر بل يركّزون على الحقيقة ، فالقفيه مؤمن و العارف مطمئن القلب ( أو لم تؤمن قال بلى و لكن ليطمئن قلبي ) فهنيئاً للفقيه العارف كالإمام روح الله الموسوي الخميني قدّس سرّه .
القدس 20157 20153 20151 هـ - الموافق 10 يوليو 2015
تصور مكتبة فقهية تشتمل على عشرة آلاف كتاب فقهي ، فلو تفصل عنها كتب الشيخ الطوسى والعلامة الحلي و المفيد و ابن ادريس و الأنصاري و الخوئي و الحكيم والإمام والمتأخرين من الفقهاء رحمهم الله فهل يبقى منها شيء معتدّ به من الكتب ؟ كلا !
لو تبعد الأحاديث المشتملة على كلمة (الحاكم ) (السلطان) (الوالي) (الخليفة) (الإمام ) عن سائر الأحاديث التي صدرت من أهل البيت عليهم السلام فلا تبقى إلا القليل غير المعتد به .. فيا ترى ما المقصود إذن من هذه المناصب ؟ هل المعصوم فقط ؟ هذا يعني أنّنا نعطّل الدين في زمن غيبة صاحب الأمر عجّل الله فرجه ! وهل يتجرأ أحد أن يتفوه بهذا ؟ فلا محالة تكون هذه شاملة للفقيه الجامع للشرائط وهذا يعني حكومة الفقيه وولايته على الناس ولا يتحقق هذا إلا بأن يكون هو على رأس الدولة الإسلامية ليدير أمور الأمّة ويتولّى شئونها و يحافظ عليهم و يحارب أعدائهم ، وهل هناك عدوّ أشرس من إسرائيل ؟ (لا تنسى القدس).
علي عليه السلام و ليلة القدر ! 20157 20153 20151 هـ - الموافق 03 يوليو 2015
الليلة المباركة : ليس من الصدفة تزامن ليلة القدر مع ذكرى استشهاد وليد الكعبة في محراب العبادة بل هناك ترابط معنوي بين الحادثتين وانسجام نوراني بين الأمرين، ليلة القدر ظرف زمني فيها أنزل الله تعالى الثقل الأكبر وهو القرآن الكريم جملة واحدة على قلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبذلك صارت ليلة مباركة فيها يفرق كل أمر حكيم فارتبط الروح بالروح وتجلى الكلام الإلهي منسلخاً عن الألفاظ والكلمات، على قلب الحبيب ليكون من المنذرين، ولم يسمح للرسول أن يعجل به من قبل أن يقضى إليه وحيه وطولب منه أن لا يحرك به لسانه تعجيلا به، فطولب منه في 27 من شهر رجب وهو في غار حراء أن يقرأ باسم ربه.
القَـدر بيد العـبد :
وأمّا علي عليه السلام فهو ذلك الإمام الذي انشرح صدره واتسع ظرفه فتجلّت فيه الولاية العظمى فكان هو الثقل الكبير الذي لن ينفك عن الثقل الأكبر، فالظرفان قد تلاحما والنوران قد تجليا، فالتقدير في هذه الليلة يتوقف على مدى ارتباطنا بالثقلين وتمسكنا بالنورين، إنّ هذه الليلة تقدَّر فيها حوادث السنة من حياة وموت ورزق وسعادة وشقاء، فما أدراك ما ليلة القدر! إنّها تعادل ألف شهر أي أربع وثمانين سنة، والليلة كلها سلامٌ حتى مطلع الفجر لا يعتريها شيئ من الآفات والنقمات والاضطرابات لأن القدر إنّما هو بيد العبد، له أن يعلو إلى قمّة السعادة ويرتقي في درجات الجنّة أو ينحدر إلى حضيض الشقاء ويسقط في دركات الجحيم ، ومادام أن مصير العبد بيده فهو في سلام مطلق وأمن دائم مادام قد ارتبط بأمناء الرحمن وهم أهل بيت العصمة والطهارة وعلى رأسهم أمين الله في أرضه الذي لا قرين له بالفضل سوى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.
تجلّي قدرة الله تعالى في علي عليه السلام :
لقد تجلّت قدرة الله في أيدي علي عليه السلام، فهو أشهر المجاهدين الذي لا تأخذه في الله لومة لائم قد وتر فيه صناديد العرب، وقتل أبطالهم، وناوش ذؤبانهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله في شأنه: "برز الإيمان كلّه إلى الشرك كله" وقال: "ضربة علي في يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين". ومن ناحية أخرى قد وصل إلى مستوى من العدالة بحث يقول: "والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت". وأعلى ما وصل إليه علي بن أبي طالب عليه السلام هو أنّه كان عبداً لله تعالى لاخوفا ولا طمعا بل شكرا وعشقاً لله (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)(البقرة/207). عليٌ مظهر الرحمة الواسعة والغضب الإلهي، عليٌ أبو الفضل، عليٌ أبو المكارم، عليٌ أبو الأيتام، عليٌ سيد الأنام وسيد المظلومين قد عانى من الظلم ما عانى فكان يدعوا:
"اللهم إنّي مللتهم وملّوني وسئمتهم وسئموني فأبدلني بهم خيراً منهم وأبدلهم بي شرّاً منّي" وقد استجيب دعاءه حينما وقع صريعاً في محراب المسجد، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا. (1418)
الفاشي في الخلق أمره و حمده 20157 20153 20151 هـ - الموافق 27 يونيو 2015
عندما تقول "بسم الله الرحمن الرحيم " فبما أنّها ليست جملة كاملة فمن الطبيعي أن تسأل: باسم الله ماذا ؟ قال كثير من المفسرين:باسم الله أستعين، وهذا رغم شهرته لا دليل عليه بل البسملة لها ارتباط وثيق بالسورة نفسها ، ففي فاتحة الكتاب تقول باسم الله الحمد لله وذلك لأنَّ جنس الحمد لله تعالى، فلا يتحقق حمدٌ إلاّ باسمه تعالى، فمادام الحامد هو اسم الله و المحمود هو اسم الله، فالحمد لله شأت أم أبيت ، حيث أنّ كلّ شيء بلا استثناء آية له تعالى بل هو نوره المتجلّي ( و بنور وجهك الذي أضاء له كلّ شيء ) !
وهذا لا يختص بسورة الفاتحة بل هو جارٍ في جميع السور، فباسم الله الرحمن الرحيم أقرأء، و باسم الله الرحمن الرحيم قُلْ و هكذا ولكن نطاق الحمد أوسع من غيره ولذلك نقرأ في دعاء الإفتتاح :
(اَلْحَمْدُ للهِ الْفاشي في الْخَلْقِ اَمْرُهُ وَحَمْدُهُ )!
والجدير بالذكر أنَّ سورة التوبة لا تبتدأ باسم الله لأنَّها تبدأ بالبراءة والنفي وهي تعني الابتعاد و الطرد ولا يكون ذلك باسم الله، فالشرّ المحض لا يكون مظهراً من مظاهر الله تعالى لأنّه - جلَّ شأنه - وجودٌ مطلقٌ و خيرٌ محضٌ وكمالٌ صرف ... تأمّل تعرف .
سلاح المؤمن 20157 20153 20151 هـ - الموافق 12 يونيو 2015
قال تعالى (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)(الحديد/22). ولكن هذا لا يتنافى مع أصل آخر و هو (أبى الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها ) فهناك شرّ يمكن دفعه بالإرادة و الحكمة وأمّا إذا تجاوز الشر إرادة الإنسان فما هي الحيلة إذن ؟ أقول إن القرآن الكريم الذي ورد في شأنه (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى..) والأدعية التي تردّ القضاء وأيضاً الأحراز و الأوراد والأسماء والتعويذات و التوسلات والصدقة و النذر وصلة الرحم و حتّى الأحجار الكريمة كلّها متكفلة لحلّ الخطط الشيطانية الخفيّة و بطلان شرّ فسقة الجن والإنس مهما كبرت و مهما اشتدّت فهي السلاح الحقيقي للمؤمن فلما التغافل عنها ؟ وأؤكّد هنا أنّه ينبغي أخذها من مصادر معتبرة وأساتيذ الفنّ لأنّ هناك الكثير ممن يتاجر بها فينبغي الحذر من هؤلاء ، وأيضاً هناك فرق بين التوسل بهذه الأمور وبين الإرتباط بالجن و الشعوذة و السحر وما شابه ذلك من أمور منتشرة في القنوات الفضائلة الضالة المضلّة أعاذنا الله شرّهم .
يقول رئيس مجلس الشورى الأخ لاريجاني (في الحرب 33 يوم بين إسرائيل و لبنان إلتقيت بالسيد القائد حفظه الله و شرحت له الوضع الميداني في جبهات القتال فقال : إنّ الوسيلة الوحيدة هي الإستقامة ، ثمّ أوصاني بتوصية معنوية وهي : إقرأوا دعاء جوشن الصغير ! فأوصلت ما قال القائد لحزب الله ثمّ بعد ذلك قال لي السيد حسن نصر الله أنّ الأمورقد تغيّرت تماماً بعد أن طبّقنا وصايا السيد)
فيا أيّها العزيز : هل تشكّ أن دعاء جوشن الصغير الذي قرأه المؤمنون لنصرة حزب الله على العدوّ الصهيوني كان له دور كبير في انتصارهم على العدوّ ؟ فاسع إذن في تقوية عقيدتك بالأدعية المباركة و تأثيرها ، و ها أنا ذا أهديك هذه الأذكار فاجمعها في صفحة واحدة واحفظها عندك و هي :( آية الكرسي ، وإن يكاد ، سورة التوحيد ، الفلق ، الناس ، الكافرون ، الفاتحة ، يس ،الرحمن ، الواقعة وقوله (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ) وقوله ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ الخ السورة) وهذا الدعاء (اللهم يا ذا السلطان العظيم و المن القديم و الوجه الكريم ذا الكلمات التامات و الدعوات المستجابات عاف الحسن و الحسين من انفس الجن و اعين الانس بسم الله العظيم الشان القوى السلطان الشديد الاركان حبس حابس و حجر يابس و شهاب قابس و ليل دامس و ماء قارس فى عين العائن و فى احب خلق الله اليه و فى كبده وكليتيه فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا و هو حسير ما شاء الله لا حول و لا قوه الا بالله العلى العظيم فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا و هو حسير ما شاء الله لا حول و لا قوه الا بالله العلى العظيم فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب اليك البصر خاسئا و هو حسيرما شاء الله لا حول و لا قوه الا بالله العلى العظيم ما شاء الله لا قوه الا بالله العلى العظيم ما شاء الله لا قوه الا بالله العلى العظيم ما شاء الله لا قوه الا بالله العلى العظيم)والدعاء(يا أسمع السامعين ، يا ابصر الناظرين ، يا اسرع الحاسبين ، يا أحكم الحاكمين ، ياخالق المخلوقين ، يا رازق المرزوقين ، يا ناصر المنصورين ، يا أرحم الراحمين ، يا دليل المتحيرين ، ياغياث المستغيثين ، أغثني يا مالك يوم الدين ، إياك نعبد وإياك نستعين ، يا صريح المكروبين ، يا مجيب دعوة المضطرين ، أنت الله رب العالمين ، أنت الله لا إله إلا أنت الملك الحق المبين الكبرياء رداؤك ، اللهم صل على محمد المصطفى ، وعلى علي المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، وخديجة الكبرى ، والحسن المجتبى ، والحسين الشهيد بكربلاء ، و علي بن الحسين زين العابدين ، ومحمد بن علي الباقر ، وجعفر بن محمد الصادق ، و موسى بن جعفر الكاظم ، وعلي بن موسى الرضا ، ومحمد بن علي التقى ، وعلي بن محمد النقي ، والحسن بن علي العسكري ، والحجة القائم المهدي ، الامام المنتظر صلوات الله عليهم أجمعين ، اللهم وال من والاهم وعاد من عاداهم وانصر من نصرهم واخذل من خذلهم ، والعن من ظلمهم ، وعجل فرج آل محمد ، وانصر شيعة آل محمد وأهلك أعداء آل محمد ، وارزقني رؤية قائم آل محمد ، واجعلني من أتباعه واشياعه ، و الراضين بفعله ، برحمتك يا ارحم الراحمين أعيذ نفسي بربي الاكبر ، مما يخفى ويظهر ، ومن شر كل أنثى وذكر ومن شر ما رأت الشمس والقمر ، قدوس قدوس ، رب الملائكة والروح ادعوكم أيها الجن والانس إلى اللطيف الخبير ، وأدعوكم أيها الجن والانس إلى الذي ختمته بخاتم رب العالمين ، وبخاتم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، وبخاتم سليمان بن داود ، وخاتم سيد المرسلين والنبيين صلى الله عليه وعليهم أجمعين) ولا تكتب السور الكاملة إلا مع البسملة .
بالإمام عجل الله فرجه ! 20157 20153 20151 هـ - الموافق 08 يونيو 2015
عندما نراجع القرآن الكريم و الأدعية المباركة خصوصاً أدعية شعبان المعظم و شهر رمضان المبارك نشاهد فيها طلبات يستحيل لأمثالنا أن نحققها في هذه الدنيا الدنية مهما سعينا و اتعبنا أنفسنا بل بعضها لا تتحقق إلا بوجود العصمة في الإنسان فلا يوجدها إلا المعصومون عليهم السلام ، فلماذا يُطلب منّا قرائتُها و أخذها وسيلة للمعرفة والعروج ؟
*من النماذج القرآنية قوله تعالى (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(آل عمران/191). فأين هؤلاء ؟ و قوله (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ)(النور/36). وهل يمكن تطبيق الآية على غير أهل البيت عليهم السلام ؟ وأيضاً (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)(الفرقان/74). فمتى يمكن لنا أن نصبحَ أئمّة للمتقين ؟
* وأمّا الأدعية فمنها ما في المناجاة الشعبانية (إلهي هَب لي كمال الانقطاع إليك ، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حُجُب النور ، فتصل إلى معدن العظمة ، وتصير أرواحنا مُعلقة بعزّ قدسك) و من تلك الأدعية (اللهم أدخل على أهل القبور السرور اللهم أغن کل فقیر اللهم أشبع کل جائع اللهم اکس کل عریان) فلاحظ أنّك تريد من الله أن يغنيَ كلّ فقير لا بعضهم وأن يشبع كلّ جائع ، فياترى يمكن أن تتحقق هذه الطلبات في الوضع الحالي أو مستقبلا وذلك من خلال توزيع الثروة بالعدل ؟ كلا ! فإذن لا بد من التماس حلّ لهذه المشكلة و الوصول إلى جواب مقنع فأقول:
إنّها أدعية مهدوية بمعنى أنّ كلّ هذه الطلبات ستحقق إن شاء الله ولكن بعد أن وصلنا إلى مستوى من المعرفة بحيث رأينا الإمام عجّل الله فرجه لا كابن العسكري فحسب بل كما ورد في الدعاء (اللهم ارنا الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة واكحل ناظري بنظرة مني اليه ) هنالك سوف تتبدّل المعايير حيث يهلك إبليس و يرتقى المؤمن إلى مستوى من المعرفة بحيث يفنى في إمامه فيكون منقطعاً إلى الله بالإمام عجّل الله فرجه و يكون إماماً على المؤمنين بالإمام عجل الله فرجه وهكذا سائر المواصفات ، على ضوئه تعرف معنى (اللهم أصلح کل فاسد من امور المسلمین) .
فيا أيها العبد الفقير إلى الله لا تنسى إمامك أبداً ، واسعَ دائما أن تلتحق بركبه المبارك ويكون لسان الحالك ( اللهم بِرَحَمتِك في الصالحين فَاَدْخِلنا) قال تعالى (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ.. إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاَغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ)(الأنبياء/105 ، 106) العبد الفقير إلى رحمة ربّه – إبراهيم الأنصاري - 20 شعبان المظم 1436
دعاء حفظ الإمام عجل الله فرجه 20157 20153 20151 هـ - الموافق 04 يونيو 2015
أسألة تتعلق بدعاء حفظ الإمام لابدّ من الإجابة عليها نشير إلى بعضها وهي رغم أنه تعالى غير محتاج إلى خلقه ليتخذ ولياً لنفسه ، فماذا تعني هذه الولاية ثمّ كيف نطلب من الله تعالى أن يكون للحجّة بن الحسن ولياً و حافظاً وقائداً و ناصراً ؟ ومن نحن لنطلب من الله أن يكون ولياً لحجته ! وما الفائدة من هذا الدعاء له و لنا ؟
أقول: هذه هي ولاية العزّ لا ولاية الذل لأنّه يقول (...وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ) في الحديث عن الرسول ص قال :(من رآني فقد رأي الحق فالحجّة هو المرآة الصافية) فليس الإمام إلا تجلى أسماء الله الحسنى و اشراقة من نور وجهه تعالى الذي أضاء له كلّ شيء ، و لذلك تقول "وليّك" أي ولي الاسم الأعظم الإلهي و تقول: الحجّة بن الحسن من دون أن تذكر اسمه .. هذا الأمر لابدّ وأن يكون في هذه الساعة و في کل الساعة باعتبار أنّ الفيض لن يتوقف أبدا فعن الرسول ص (إلهي لاتکلني الي نفسي طرفة عينا ابداً)
ثمّ مادام أنّ الإمام هو حافظ دين الله فعن الرسول ص (بهم يحفظ الله عزوجل دينه و بهم يعمر الله بلاده ) و في نفس الوقت يقول سبحانه (اللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فنطلب منه الحفظ لأنّ دعائنا بالنتيجة يرجع إلى أنفسنا فكأننا نطلب منه أن يحفظنا بحفظ الإمام الذي هو في الواقع حفظنا و بقائنا نحن فبهم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، كما أنّ هذا الدعاء هو كالصلوات على محمّد وآل محمد و آثاره الكبيرة رغم أن الله و ملائكته يصلون على النبي .
العجب العجاب ! 20157 20153 20151 هـ - الموافق 21 مايو 2015
أريد مدح القمر و إظهار جماله ، فهل للشمس أن تعترض عليّ ؟ بالتأكيد أنّها تبدي فرحََها وتُظهر سرورَها و تشجعني على امتداحي للقمر لأنّ ما للقمر من جمال فهو للشمس بالأصالة ، فهل للقمر نور غير نور الشمس؟ ما ذا لو مدحت القمر قاصداً بذلك التظاهر ؟ فهل يكون فعلي هذا من النفاق المذموم و للناس أن يعاتبونني على ذلك ويتهمونني بالنفاق ، ولو نسبت الجمال إلى القمر من دون التوجّه إلى مصدره فهل ينبغي أن أُتَّهم لذلك بأنني نسيت الشمس ، فهل يخفى على أحد أن الفضل كلّه راجع إلى الشمس فما لكم كيف تحكمون؟ فها نحن نمدح القمر ونعظّمه والخلائق تعلم أنّه قمر شمسِ النبوّة ففي روضة الكافي :(عن جابر عن أبى جعفر (عليه السلام) ... فكان مثلكم كما قال الله عزوجل، كمثل الذى استوقد نارا فلما أضاءت ماحوله يقول: أضائت الارض بنور محمد كما تضيئ الشمس، فضرب الله مثل محمد (صلى الله عليه وآله) الشمس، ومثل الوصى القمر، وهو قول الله عزوجل: (جعل الشمس ضياءا والقمر نوراً).
فهل لي أن أبالغ في مدح وجه الله تعالى يا ترى هل أنا قد ارتكبت شططاً ؟ بالتأكيد لا ! لأنّه وجه الله فتعظيمه في أعين الناس هو تعظيم لله تعالى لا غير وهو عين الإخلاص الذي لا يتسرّب إليه الرياء و الشرك والنفاق أبداً والعجب العجاب هو أنّ تعظيمهم ولو تظاهراً و أنانيةً يؤدّى إلى عدم التظاهر والأنانية !! بل الصلاة عليهم هو السبيل للتخلص من الذنوب (وجعل صلواتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا، وطهارة لأنفسنا، وتزكية لنا، وكفارة لذنوبنا.) ومن هنا تعرف السرّ في حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( إرفعوا أصواتكم بالصلاة علي فإنها تُذهب النفاق ). الأول من شعبان 1436 الساعة 1 صباحاً.
البرامج الكاظمية 20157 20153 20151 هـ - الموافق 14 مايو 2015
البرامج الكاظمية: لم الإصرار على أنّ الأئمة عليهم السلام في مواقفهم كانوا وراء هذه الغاية فقط أو تلك ؟ فما المانع من أن ينطلقوا لتحقيق أهداف في الظاهر مختلفة وفي المعنى متّحدة تنصب في غدير واحد وهو رضا الله تعالى والتقرّب إليه. وبما أنّهم عليهم السلام حسب اعتقادنا القطعي يعلمون ما كان و ما يكون و ما هو كائن إلى يوم القيامة فهم إذن مطَّّلعون على أعماق الأرض حتّى عنان السماء فكلّهم مهديون أي يهدون الناس إلى العلوّ و يوصلونهم إلى الجنّة في مراحلها ضمن برامج متعدّدة نحن نطلق عليها البرامج النبوية و العلوية و الفاطمية والحسنية والحسينية والكاظمية بعضها مشتركة بين جميعهم و بعضها تختصّ بإمام واحد مثل تلك البرامج التي لها علاقة بالإسم أو الكنية البارزة للإمام كالعلوية والفاطمية والكاظميّة ، حسب حديث جابر بن عبد الله الأنصاري المعروف بحديث اللوح وهو من أمهات المصادر التي تبيّن حقيقة كلّ من المعصومين عليهم السلام والتجلّيات الإلهيّة الظاهرة في كلّ واحد منهم وفيه (فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟ فقال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين، ثم الباقر محمد بن علي، وستدركه يا جابر فإذا أدركته فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم الكاظم موسى بن جعفر) فهذا اللوح يبيّن السمات المميزة النابعة عن التجلي الربوبي الخاص لكلّ من أهل البيت عليهم السلام. هذا وعند ملاحظة مجمل الأوضاع التي كان يتعايشها الإمام موسى بن جعفر عليه السلام نستنتج أنّه كان بصدد تحقيق هذه البرامج السبعة بحسب الرفعة والعلوّ والفضل .
- و هو مشترك بين الإمام الكاظم و الرضا و الجواد عليهم السلام وهو الصراع لأجل اسقاط الإعتلاء الذي اكتسبته بنو العبّاس في عصر الخليفة هارون والمأمون عليهما لعائن الله ، لاحظ مواقف الإمام الرضا عليه السلام الذي كان في الظاهر هو ولي العهد ، إنّها حقيقة محطّمة لبنيان بني العباس عامّة وللخليفة مأمون خاصّة حيث آل أمر بني العباس بعده إلى الأفول و السقوط والإنتهاء.
- شنّ حربٍ شعواء ضدّ المدعين للمهدوية حيث ظهر في بداية إمامة الإمام الصادق عليه السلام وانتهى في أواسط إمامة الإمام الكاظم عليه السلام، وقد حقّق الإمام عليه السلام نجاحاً كاملا حيث فضح هؤلاء المدّعين وأفسد أطروحتهم الواهية و هذا هو أهم برامج الإمام الكاظم عليه السلام.
- تثبيت الفقه من خلال كتابة الأحاديث و الحفاظ عليها ، وهذا البرنامج مشترك بين الإمام الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام .
- سوق المجتمع الإسلامي إلى الإسلام الملازم لحبّ أهل البيت عليهم السلام وابعادهم عن الإسلام المجرّد عن الحبّ ، هذا أيضا مشترك بين الأئمة الثلاثة و لكن هو أكثر أهميّة في عصر الإمام الكاظم عليه السلام.
- كظم الغيظ النابع من حديث اللوح وهو برنامج مختصٌّ للإمام الكاظم عليه السلام توضيح ذلك: أنّ الإمام موسى بن جعفر عليه السلام لابد وأن يكون كاظماً في علم الله تعالى ولذلك لابد وأن يواجه الصعوبات الكثيرة و الآلام القاصمة ؟ ولكن هل هي من خلال الضغوط السياسية والعسكرية ؟ كلا ! لأنّها كانت أشدّ بكثير في زمن العسكريين . فلم موسى هو الكاظم إذن ؟ الجواب: هو ابتعاد الأمّة عن امامهم من خلال تأسيس الفرق الباطلة ألا ترى أنّ أكثر الإنشعابات في الشيعة وقعت في عصره .لاحظ أنّ الإمام الكاظم هو الأكثر في الأئمة تقلّداً لمنصب الإمامة والمفروض أن يكون أنصاره أيضاً أكثر ، ولكن على العكس من ذلك لم يكن له من الحواريين و أصحاب السرّ إلا القليل ، هنا يتجلّى كظم الغيظ وهي الكاظمية فهي الصفة إذن هي قبال الشيعة لا غيرهم ، فالكاظمية هي من مواقفة الخاصّة الرئيسة.
- الإمامة على من فوق الأرض و من تحت الثرى بمعنى السلطة التكوينية والتشريعية عليها.
- رفعة العالم ، وهو برنامج لرسول الله و فاطمة وجميع أئمة أهل البيت عليهم السلام ونعني بها ولاية الأمر التي افتتحها الرسول صلى الله عليه وآله و سلّم في يوم الغدير والتي يتولاه في عصرنا صاحب الأمر أرواحنا فداه و سيستمر إلى الظهور فالرجعة فالقيامة فالجنّة .
عكس اتّجاه إبليس : 20157 20153 20151 هـ - الموافق 11 مايو 2015
عكس اتجاه إبليس : كم يصبح إمامك الحجّة بن الحسن المهدي عجّل الله فرجه فرحاً لو وافقته في رأيه وأعددت نفسك لنصرته و انسجمت معه في حركته فخاطبته(وَ قَلْبِي لَكُمْ مُسَلِّمٌ وَ رَأْيِي لَكُمْ تَبَعٌ، وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتَّى يُحْيِيَ اللَّهُ تَعَالَى دِينَهُ) رغم أنّ الجميع يتحرّكون إلى جهة تعاكس جهته ويقصدون غايةً لا تتوافق مع غايته ، فهل يشكّ أحدنا بأن دولة الباطل ما زالت مستولية على جميع زوايا حياتنا من دون استثناء ، و قد ركّز اللعين نواياه في أعماق فكرنا وأصبح يتلاعب بعقولنا و يسيّرها أينما و كيفما شاء .
قال الإمام الخميني قدّس سرّه ( لا يستطيع أحدٌ أن يهرب من حيل الشيطان والنفس الخبيثة مظهر إبليس إلا عدد محدود من عباد الله الصالحين وأيضا الأولياء المقربون عليهم السلام.. وإذا استطاع فإنه لا يستطيع أن يهرب من كل غصونها وجذورها الدقيقة والمعقدة جدا إلا أن يأخذ الله المتعال بيده) إنّ إبليس دخل في مأكلنا و ملبسنا و مشربنا و مسكننا وكلّ مرافق حياتنا.
إذا كنت بصدد الخروج من دولة إبليس والإبتعاد عن جنوده و الإلتحاق بركب الصالحين الذين هم القلّة ، فيا أيّها العزيز إذا تمنيت أنّ ينظر إليك إمامك عجل الله فرجه و أنت تُدخل السرور في قلبه فابتعد عن كيد إبليس وانطلق نحو إمامك كالحرّ الرياحي حينما قال( إنّي والله أخيّر نفسي بين الجنّة والنار، ووالله لا أختار على الجنّة شيئاً) ونتيجة هذا الموقف هو أنّ سيد شباب أهل الجنّة خاطبه (بخٍ بخٍ يا حر، أنت حرّ كما سمّيت في الدنيا والآخرة) هذا هو شأنك و منزلتك لا تبعها بثمن بخس . هل تعلم كم ستكون لهذه النظرة الرحيمة آثاراً في قلبك و بركات في دنياك و آخرتك .
فخاطب مولاك : ( وَانْظُرْ اِلَيْنا نَظْرَةً رَحيمَةً نَسْتَكْمِلُ بِهَا الْكَرامَةَ عِنْدَكَ، ثُمَّ لا تَصْرِفْها عَنّا بِجُودِكَ) وثمرة هذه النظرة هي الشهادة في سبيله و الوصول إلى ما وصل إليه علي الأكبر عليه السلام (وَاسْقِنا مِنْ حَوْضِ جَدِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِكَأسِهِ وَبِيَدِهِ رَيّاً رَوِيّاً هَنيئاً سائِغاً لا ظَمَاَ بَعْدَهُ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ ) فهو عليه السلام حينما صرع شهيدا نادى أباه (هذا جَدِّي رسولُ اللهِ قد سَقاني بكأسِهِ الأَوفى شُربةً لا أظمأُ بعدَها أبداً) إبراهيم الأنصاري _ البحرين المنامة 21 رجب الأصب 1436 12:00 مساء
غور الماء المعين 20157 20153 20151 هـ - الموافق 07 مايو 2015
غور الماء المعين : وإن كانت مصيبة فقدان إمامنا الحجّة بن الحسن المهدي عجّل الله فرجه عظيمة جدّاً و مؤلمة ، إلا إنّها في نفس الوقت نعمة لك أيها العاشق ، إغتمنها و لا تتجاهلها ، غَيبة الإمام بنفسها مدرسة لتربية العشّاق المحترقة قلُوبهم ،لأنّ الطاقات الإنسانية تنمو و تتكامل تحت ظل غيبته ، و القلوب تصقل في نار فراقه التي هي أشدّ النيران إلاّ أنّ نار الفراق هي الألذ ناراً للمنتظر الواله ، لأنّه يعلم أنّها ستتبدّل إلى الوصال لا محالة ، فهل هناك حالة أجمل من حالة المضطر الذي يكون بانتظار المعشوق ؟
نعم الفراق الذي لا يأمل فيه الوصال هو صعب التحمّل و لا يُصبر عليه كما صرّح بذلك مولى الموحدين في دعاء كميل (فهبني صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك) أما تشاهد أنّ الكثير من اللذين أبعدتهم الظروف عن أهلهم و أحبّتهم و ديارهم كيف نضجت طاقاتهم في ظلّ الغربة فبلغوا مراتب عالية في مجال العلم والأدب و الفن والإبداع ! هؤلاء أصبحوا يعبّرون عن معشوقهم المادي بتعابير محيّرة .
وأنت أيّها العاشق أينما تكون ، فاعلم أنّك تمشي على أرضٍ يمشى عليها فلذة كبد الزهراء عليهما السلام و تصلي حيثما يصلي و تقوم حيثما يقوم (بِنَفْسي اَنْتَ مِنْ مُغَيَّبٍ لَمْ يَخْلُ مِنّا، بِنَفْسي اَنْتَ مِنْ نازِحٍ ما نَزَحَ عَنّا ) فمعشوقك عجّل الله تعالى فرجه هو جارك بل هو صاحب البيت و أنت ضيفه ! يا لها من مرتبة يغبطك بها الملائكة المقربون!
عزيزي هل تعلم بأنّه خائف عليك أشدّ من خوف الأب الحنون على ولده ؟ و هل تعلمّ حال إمامك في هذه اللحظة ؟ إذا لم تعلم إذن أيُّ مأموم أنت ؟ أنت نسيته وهو لم ينسك فكيف لو كان في ذُكرك دائما؟
فكم جميل أن يكون فكرنا على كلّ حال مشغولا بإمامنا لا ننساه حتى لحظة واحدة ، وإذا كنت هكذا فيا ترى هو ينساك ؟ يقول الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) (كم من حري مؤمنة، وكم من مؤمن متأسف حران حزين عند فقدان الماء المعين)
إبراهيم الأنصاري البحراني 18 رجب الأصب 1436 الساعة 6:15 صباحاً.
تلوُّن العاشق بلون المعشوق ! 20157 20153 20151 هـ - الموافق 05 مايو 2015
تلوُّن العاشق بلون المعشوق : هذه هي الغاية من الخلق و تحصل من خلال العبودية التي هي المعرفة وهي التخلّق بأخلاق المعشوق و التأثّر به قال تعالى (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ)(البقرة/138). ولا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الإنسجام والإحتساب و الموافقة أعني موافقة المحبّ للمحبوب ، ومن خلالها يحصل الذوبان بينهما بحيث تكون أنفسهم في النفوس أمّا ترى أنّ ابراهیم عليه السلام عندما ذهب إلى کربلاء و هو راکب فرسه فعثر به و سقط و شبح راسه و سال دمه نزل علیه جبرئیل و قال : یا ابراهیم هنا یقتل سبط خاتم الانبیاء و ابن خاتم الاوصیاء فسال دمك موافقه لدمه. وكذلك زكريا عندما علم بأن الإمام الحسين عليه السلام سيقتل قال الهی ! أرزقنی ولداً تقرّ به عیني عند الکبر واجعله وارثاً ووصیاً و اجعل محله منّی محلّ الحسین علیه السلام فاذا رزقتنیه فافتني بحبّه، ثمّ افجعني کما تفجع محمداً حبیبك صلی الله علیه و آله بولده .
والجدير بالذكر ما ورد في شأن أبي الفضل العباس عليه السلام في يوم عاشوراء حيث خاطب أخاه عبدالله بن علي علیه السلام : (تقدّم يا أخي حتى أراك قتيلاً، وأحتسبك فإنّه لا ولد لك.) وهكذا بالنسبة إلى شَوذَب مولى عابس قال له : يا شَوذَب، ما في نفسك أن تصنع ؟ أجابه شوذب: أُقاتِل معك حتّى أُقتَل. فجزّاه عابس خيراً وقال له: تَقدّمْ بين يدَي أبي عبدالله حتّى يحتسبك كما احتسب غيرك، وحتّى أحتسبك ، فسلّم شَوذب على الحسين، وقاتل حتّى قُتل .
*نتيجة هذه الموافقة هي : تلوّن العاشق بلون معشوقه و انصباغه بصبغته من خلال انتقال صفة المعشوق إلى العاشق بحيث تصير حركات وسكنات و مواقف و حالات و صفات العاشق هي انعكاس و ظهور و تجلّى للمعشوق كالقمر بالنسبة إلى الشمس ، وهذا الأمر في غاية الأهمية لأنّ الكثير منّا يتمنى أن يتعايش مع إمامه المهدي عجل الله فرجه بنحو ينظر إليه الإمام! فيا لها من أمنية شائق !
والوسيلة هي : أن يتحمّل العاشق الواله ما يتحمله الإمام من مصائب و نوائب فيتساير مع إمامه وينسجم معه ويتأسى به فلا محالة سينظر سلام الله عليه إليه نظرة رحيمة فيمرض لمرضه و يغتم لغمه ، فقد ورد عن أبي الحسن الرضا علیه السلام... (ما من أحد من شيعتنا يمرض إلا مرضنا لمرضه و لا اغتم إلا اغتممنا لغمه ولا یفرح إلا فرحنا لفرحه ) فما أعظمها من نعمه و ما أشدها من سرور!
فيا أيّها العزيز لم لا تفرح ! إمامُك الذي هو وجه الله وخليفته يغتم لغمّك و يفرح لفرحك المفروض أن الإنسان يحلق في الجوّ فرحاً و بهجةً بمجرد سماعه لهذا الخبر ! وهناك سرّ كامن وراء ذلك ينبغي ذكره في كلمة أخرى ... إبراهيم الأنصاري 16 رجب الأصب 1436 البحرين – المنامة الساعة 1:05 صباحاً.
ظهور آية الرجوع إلى الرب ! 20157 20153 20151 هـ - الموافق 04 مايو 2015
ظهور آية الرجوع إلى الرب : كربلاء صارت أرضيّة خصبة لظهور عدد كبير من الآيات القرآنية وتحقق مصداقيتها ، خصوصاً تلك التّي تبيّن حقيقة الإنسان الكامل وصفاته ، ومن تلك الآيات العرشية قوله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ، وَادْخُلِي جَنَّتِي )(الفجر/27-30). (في كتاب ثواب الاعمال باسناده عن أبى عبدالله (عليه السلام) قال: اقرؤوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فانها سورة للحسين بن على (عليهما السلام) من قرءها كان مع الحسين (عليه السلام) يوم القيامة في درجته من الجنة ان الله عزيز حكيم) وأيضا (عن أبى بصير عن ابى عبد الله (عليه السلام) في قوله : " يا ايتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية " الاية يعنى الحسين ابن على (عليهما السلام )وهذه الآية المباركة من أهم ما يحتاج إليه من يريد الالتحاق بركب الإمام الحجّة أرواحنا فداه لأنّه لتحقيقها ينبغي الإجابة على عدد من الأسئلة مثارة من بداية الآية إلى نهايتها : فقوله : يا أيتها النفس المطمئنّة : كيف يمكن أن تصل النفس إلى مقام الاطمئنان الكامل ، وهل مجرد الإدعاء يكفي؟ لابد من أن تمرّ على الإنسان امتحانات صعبة فيُشاهد موقفه تجاهها كي يقال لها أنّ هذه النفس بالفعل قد وصلت إلى مقام الاطمئنان وهل تعلم إنسانً وصل إلى مستوى الإمام الحسين عليه السلام وهو مرمي على الرمضاء مضرّخ بدمه كيف يناجي ربّه وكأنه في مجلس درس و أجواء مهيئة ومستمعين جالسين أمامه ! يقول الرراوي (ولما اشتد به الحال رفع طرفه الى السماء وقال : (اللهم متعال المكان عظيم الجبروت شديد المحال ..) وقوله : ارجعي : كيف لنا الرجوع إلى ربّنا ؟ هل هو بالتقوى ، أم بالعمل الصالح أم بالشهادة و كيف تكون الشهادة تحت راية من ؟ أجاب على كلّ هذه التساؤلات أبو الأحرار من خلال التضحية بنفسه وأولاده وأصحابه . قوله: راضية مرضيّة: هاتان الصفتان لا يمكن أن تتحققا بسهولة فالرضا أمر عظيم والأعظم هو أنّ الربّ يكون راض فكيف لنا أن نعلم برضاه لنا وما هي السبل للوصول إليها هل من خلال أداء الفرائض أو النوافل وهل من خلال العلم أو العمل . الإمام الحسين عليه السلام قد أجاب على هذه التساؤلات عملاً وبالنتيجة قد فُعّلت هذه الآية المباركة في أرض كربلاء وكم يحس الإنسان بالطمأنينة و السكون عندمي يسمع قوله (ارجعي إلى ربّك) فالخطاب قد نزل كالظرف الفارغ وكان ينتظر من يملأه وقد ملأه الإمام الحسين عليه السلام بأروع صورة وهذا ما أعجب عقيلة بني هاشم فقالت : (كما رأيت إلا جميلا)
الرؤية الثاقبة والبصيرة النافذة ! 20157 20153 20151 هـ - الموافق 04 مايو 2015
الرؤية الثاقبة والبصيرة النافذة: (يا عمّة أنت بحمد الله عالمة غير معلّمة و فهمة غير مفهّمة ) كلمات نطقها الإمام زين العابدين عليه السلام في حقّ عقيلة بني هاشم زينب بنت أمير المؤمنين عليها السلام وقد مسح الإمام الحسين عليه السلام على صدرها فانفتحت لها أبواب السماوات والأرضين ورأت ما رأت من المقامات العالية و المراتب السامية خصوصاً شاهدت درجات سيد الشهداء عليه السلام ولعلّها نظرت إلى تلك الدرجات التي قد خصصت للإمام الشهيد حيث خاطب رسول الله صلى الله عليه وآله ابنه الإمام الحسين (وإن لك في الجنة درجات لن تنالها إلا بالشهادة) كما أنّها رأت درجات بني هاشم خصوصاً أبا الفضل العباس وقد ورد في زيارته ( وَرَفَعَ ذِكْرَكَ فِي عليين وَحَشَرَكَ مَعَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ) وأيضاً هي شاهدت مواطن الأصحاب في الجنّة ، فهذا عبدا لله الحنفي أخذ يحمي الإمام ويتلقّى السهام بصدره وجبهته، فلم يصل إلى الحسين(ع) سوءا ولما كثرت فيه الجراح التفت إلى أبي عبد الله الحسين(ع) وقال: "أوفيت يا بن رسول الله ؟" قال: نعم أنت أمامي في الجنة فاقرأ رسول الله مني السلام وأعلمه أنّي في الأثر) . كما أنّها رأت حقيقة مصباح الهدى و سفينة النجاة ، وهما من خصوصيات سيد الشهداء عليه السلام ولولا هاتان الخصلتان لكنّا من الهالكين ، ولكي نتصوّر ما رأته العقيلة ينبغي أن نتوسّل بمثال : لو أنّ شخصاً أراد أن ينتقل في الليل المظلم من ضفة النهر إلى الجهة الأخرى لخلاص ابنه من الأعداء فبمجرّد أن قرر الدخول في الماء فإذا باشتعال مصباح من فوقه على الماء على التماسيح الفاتحة أفواهها لتلقفه ! وفي اللحظة التي كان يفكّر في ابنه فإذا بسفينه أمامه تريده أن يركب فيها والقبطان هو الذي سينقله إلى الجهة الأخرى ، كم من نعمة عظيمة هذه ؟ هو الإمام الحسين عليه السلام منقذ العباد من جميع الشرور خاصة شر الجهل و الضلال وقد ورد في الزيارة عن الإمام الصادق عليه السلام قوله في الامام الحسين عليه السلام (وبَذَلَ مُهجَتَهُ فيكَ لِيَستَنقِذَ عِبادَكَ مِنَ الجَهالَةِ وحَيرَةِ الضَّلالَةِ) هذا ما شاهدته زينب عليها السلام رأي العين . وقد شاهدت ما هو أعظم للعباد وهو سهولة فتح باب التوبة رغم صعوبته وذلك من خلال عبرة لا غير فهذا هو (الإمام الصادق (ع ) يخاطب أباعمارة الشاعر قائلاً : يا أبا عمارة من أنشد فى الحسين بن علي عليهما السلام شعراً فأبكى خمسين فله الجنة، و من أنشد في الحسين شعراً فأبكى ثلاثين فله الجنة، و من أنشد في الحسين شعراً فأبكى عشرين فله الجنة، ومـن أنشد فـي الحسين شعـراً فـأبكى عشرة فله الجنة، و من أنشد فى الحسين شعراً فـأبكى واحداً فـله الجنة، و من أنشد في الحسين شعراً فبكى فله الجنة، ومن أنشد فى الحسين شعراً فتباكى فله الجنة ) وفي هذا المجال توجد نصوص كثيرة ، علماً بأنّ زينب هي بنت أمير المؤمنين الذي ورد في شأنه قوله تعالى (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)(البقرة/207). فمن منطلق رأفته عليه السلام لكافة العباد بات في ذلك فراش الرسول الذي ورد في شأنه (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)(التوبة/128). كما أنّ أمّها سلام الله عيها أيضاً مظهر الرحمة ففي الحديث عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام ( كانت فاطمة عليها السلام اذا دعت تدعوا للمؤمنين و المؤمنات و لا تدعوا لنفسها فقيل لها يا بنت رسول الله انك تدعين للناس و لا تدعين لنفسك فقالت: الجار ثم الدار. (علل الشرايع، ج 1:216.) هذا : فالعقيلة قد ورثت من جدّها وأمّها وأبيها هذه الخصلة العظيمة ، فبمجرّد أن شاهدت أنّ بقتل أخيها انفتحت أبواب الرحمة والمغفرة والتوبة والإنابة نادت : (ما رأيت إلا جميلا)
خيام الجنّة ! 20157 20153 20151 هـ - الموافق 03 مايو 2015
خيام الجنذة : للصلاة بما هي عمود للدين بركاتٍ كثيرة لا تشاهد في هذه الدنيا بوضوح إلا شيئ قليل منها ولكن عندما تبلى السرائر ستَرفع الصلاة برقَعها و تكشف عن وجهها فإذا هي عن يمين العبد ذات وجه حسن ! ولكن هناك من هو أحسن وجها و أطيب ريحاً وأبهى هيئةً، فعندما تُسأل من أنت ؟ تقول أنا الولاية لآل محمد (ص) هكذا في حديث الإمامين الصادق والباقر عليهما السلام . ثمّ إنّ هذا العمود لابدّ من أن يكون مرتفعاً عالياً، وكلّما زاد ارتفاعه كثرت فائدته خصوصاً في الجنّة لأنّ خيام الجنّة تقام على عمود الصلاة ، وهل لنا أن نتنعم بالحور بل الجلوس إلى جانب المحبوب أعني أئمتنا عليهم السلام من دون إقامة الصلاة ؟ فينبغي لك أيّها المسافر أن تسعى لتكون صلاتك أكثر رفعة كي تجتاز البرزخ و القيامة فتصل إلى العرش فتلتقي بمعشوقك! وأمّا لو تأثرنا بإلقائات الشيطان ووساوس إبليس فانحرف العمود ولو بمقدار قليل عمّا يريده منّا صاحب الأمر ، فسوف نكون على شفا حفرة ربّما يجرّنا إلى السقوط وبالنتيجة يتهدّم بناء الدين و لا سمح الله نخرج من الدنيا صفر اليدين ! فكم من الجنّ والإنس أصبحت صلاتهم سبباً لسقوطهم وانهيارهم ، وعلى رأس هؤلاء شخص إبليس اللعين الذى طالما سجد و ركع وقام ، ابن عباس كان من المصلين ولكن لم يلتحق بركب الحسين عليه السلام الذي هو ركب الصالحين ، بل كلّ حجاج سنة 61 للهجرة تركوا إمامهم و لم ينصروه ، لماذا حدث ذلك ؟ لأنّهم أرادوا بناء خيمة الدين من دون الولاية فلم ينسقوا صلواتهم مع الإمام عليه السلام ، بل التجأوا إلى عبادة تتمحور على نفوسهم الناقصة و رغباتهم الزائلة . فالإمام عليه السلام أراد أن يثبّت خيمة الدين في كربلاء وهؤلاء أصرّوا على بقائه عليه السلام في مكّة .
إبراهيم الأنصاري البحراني 14 رجب الأصب 1436 الساعة 1:45 البحرين-المنامة
إقامة عمود الدين 20157 20153 20151 هـ - الموافق 03 مايو 2015
إقامة عمود الدين : أيّها الأحبّة علينا أن ننسق أنفسنا ونحن نعيش أجواء الصلوات الخمس مع وجود الإمام المهدي أرواحنا فداه و ندخل في هذا المصعد الملكوتي لكي تقبل صلاتنا فنحلق و نرتقي إلى الأعلى (واجعل صلاتنا به مقبولة) فعند إقامة صلاة الصبح يجب المحافظة عليها قائمة إلى وقت الظهيرة وذلك بابقاء تلك الصلاة في وجودنا بحيث تستوعب كافة زوايا القلب حتى يصل وقت الظهيرة وهكذا تبقى صورة صلاة الظهرين إلى وقت العشائين ثمّ ننام مع الصلاة فنعانقها كي نحس بها بكلّ مشاعرنا يقول الرسول (ص): (أفضل الناس من عشق العبادة فعانقها وأحبها بقلبه، وباشرها بجسده...) وبالنتيجة تكون جميع أوقاتنا مليئةً بالصلاة الذي هو الدين القيّم القائم بالإمام و حينئذ تكون ذو قيمة عالية ...تأمّل ! وهو الدين المرضي لله تعالى، وهو العمود القويّ الذي (..أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) و صاحبه ( كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ) حينئذٍ يمكننا أنّ نبني على هذا العمود بناء شامح يصل إلى ساق العرش لا يتأثر بالعواصف الشديدة والزلازل الشيطانية المدمّرة وبطبيعة الحال سوف نكون في راحة و هدوء و طمأنينة و أمان وسندخل الجنّة بسلام آمنين هذا قد بينه سبحانه في قوله تعالى (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) و لا يخفى أنّ مقام إبراهيم عليه السلام غير مكان إبراهيم ، فالمقام هذا يعنى به الإمامة ...تأمّل . فمن دخل في الإمامة لا محالة قد أمن من الفزع الأكبر يوم لا ينفع مال و لا بنون ، وكلّ من ينظر إلى هذا المصلّى سيهتدي إلى الصراط الحميد ، فعليك بالتباهي أيها الحبيب فإنّ الإمام الحجّة روحي فداه قد جعلك من خلال إقامتك الصلاة واسطة بينه و بين الآخرين الذين يدخلون من خلالك في دين الله أفواجاً ولهذه الصلاة بركات في الدنيا و في دولة الإمام الحجّة و في القيامة ... سنبينها هذه الليلة إن شاء الله تحت عنوان (خيام حور العين).. العبد: إبراهيم الأنصاري البحراني 14 رجب 1436 الساعة 12:45
من أجل إقامة الصلاة 20157 20153 20151 هـ - الموافق 03 مايو 2015
من أجل إقامة الصلاة : لماذا ولد علي عليه السلام في الكعبة ؟ سؤال يطرح نفسه وجوابه واضح وهو : أنّه عليه السلام ولد من أجل الصلاة وذلك لأنّ الصلاة عمود الدين لها ارتفاع شأنه العروج إلى العرش(الصلاة معراج المؤمن) فالمطلوب إذن هو إقامتها ، و(قد قامت الصلاة) بالفعل وارتفعت إلى العلي الأعلى وذلك حيث نزول العلوّ الذي هو التجلي الأوّل إلى الأرض و بالدقّة في الكعبة المشرفة ، وستظهر هذه الإقامة على مستوى المؤمنين عامّة حين ظهور الإمام المهدي أرواحنا فداه ففي الحديث عن (الإمام الصادق عليه السلام: في قوله: قد قامت الصلاة، إنما يعني به قيام القائم عجل الله فرجه .) وأيضا عن الإمام موسى بن جعفر والحسين بن على (ع) في قوله تعالى: (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ ...)(الحج/41). قال: هذه فينا أهل البيت.) ولكن ورغم أنّ الصلاة قد قامت بهم عليهم السلام ولكن الإمام الحسين عليه السلام كان له دور كبير في تثبيتها (أشهد أنّك قد أقمت الصلاة).
و هاهنا سؤال يختلج في أذهاننا نحن جميعاً و هو : ما دورنا نحن إذن في إقامة الصلاة ؟ والجواب هو الجواب على السؤال التالي : مادام (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ)فماذا يعني ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ؟ ولكن لنا أن نطلب الإجابة التفصيلية ... في الكلمة التالية هذه الليلة ... العبد إبراهيم الأنصاري البحراني 13 رجب 1436 الساعة 12 مساء
أين المضطر؟ 20157 20153 20151 هـ - الموافق 27 أبريل 2015
أين المضطر ؟ هل نحن بالفعل نحسّ بالإضطرار ؟ كلا ! لأننا التهينا بالحيوة الدنيا و زينتها واشغلنا انفسنا بالمتاع القليل وصارت الدنيا كعبة آمالنا و لذلك لا ندعوا للوصول إلى المقامات العالية و الدرجات الرفيعة لتستجاب دعوتنا فلا ينطبق علينا قوله تعالى (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) وأكثر الأدعية هي بلسان القال فقط و لو كانت بلسان الإستعداد والحال لما تأخّرت عن الإستجابة طرفة عين أبداً.
ولا بد أن نعلم بأنّ المعرفة بالدنيا الدنية وشيطنة الشيطان والشعور بالإضطرار والتورّط في فخّ إبليس ثمّ التفكير بجدّ من أجل الخلاص من شرّه شرطٌ رئيس للطلب الحثيث من الله من أجل الخلاص و النجاة (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ) واستجابة هذا الدعاء ينتهي بظهور صاحب الأمر عجّل الله فرجه (وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ) .
نقرأ في دعاء الندبة (أين المضطر الذي يجاب إذا دعا) فالإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه هو المضطر حقيقةً لا غيره ، و هو يوسف الزهراء عليها السلام الذي قد دعا فأجيبت دعوته ! (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ..)(يوسف/33). (فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ ..) و صرف عنه كيد الطغاة و خلّصه من جهلة الناس.
فيا أيّها الحبيب : قد حان الحين و آن الأوان كي نحسّ بالفقر والفاقة فنلتجئ إليه ونقول (...يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ)(يوسف/88). حينئذٍ سوف يدعوا سلام الله عليه في خلاص نفسه من السجن و تعجيل ظهوره فتستجاب دعوته و حينئذٍ سوف يملأ الله به الأرض قسطاً و عدلا كما ملئت ظلماً و جورا. اللهم أرنا الطلعة الرشيدة ... إبراهيم الأنصاري البحراني الأثنين 8 رجب الأصبّ 1436
تنزيه الباطن 20157 20153 20151 هـ - الموافق 26 أبريل 2015
تنزيه الباطن : إنّ رحمة الله سبحانه واسعة لا حدّ لها ، ولكن من الضروري أن يطلب العبد في دعائه الفيض المنسجم مع حاجته ويناديه بالإسم المتناسب مع ما يريد فيطلب من المنتقم هلاك العدوّ و من الرازق الرزق الحلال و هكذا والأفضل إذن أن يدعوا بالمأثور عنهم عليهم السلام لا غير .
هذا بعد إزالة الموانع التي تحول دون استجابة الدعاء وقد ذكر بعضها في دعاء أمير المؤمنين عليه السلام المعروف دعاء كميل ( اللّهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم اللّهم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم اللّهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء ) فينبغي للداعي أن يسعى في تنزيه باطنه وتخلية قلبه من الأرجاس والملكات الرذيله حتى ينتقل دعائه من لسان القال إلى لسان الحال ومنه إلى لسان الإستعداد، وقد يحصل ذلك في الدعاء الجماعي بحيث أن العبد في بداية الدعاء ربّما يكون طلبه مجرّد لقلقة لسان و لكن ما إن بدأ في النظر إلى نفسه وهو بين المؤمنين انقلب دعائه إلى قلبه و روحه وأصبح وجوده يشعر بالفقر إلى الله الغني .
لسان الإستعداد 20157 20153 20151 هـ - الموافق 25 أبريل 2015
لسان الإستعداد :
(بابُكَ مَفْتُوحٌ لِلرّاغِبينَ، وَخَيْرُكَ مَبْذُولٌ لِلطّالِبينَ وَفَضْلُكَ مُباحٌ لِلسّائِلينَ، وَنَيْلُكَ مُتاحٌ لِلامِلينَ، وَرِزْقُكَ مَبْسُوطٌ لِمَنْ عَصاكَ، وَحِلْمُكَ مُعْتَرِضٌ لِمَنْ ناواكَ) فالفيوضات نازلة من عالم الألوهية إلى عالم الدنيا فهو جلّ و علا (دائم الفضل على البرية وباسط اليدين بالعطية ) فالرحمة الواسعة مستمر لا تنقطع ، إنّما المشكلة في الأرضية التي ينبغي أن تتقبّل تلك النعم فأين الرغبون و الطالبون و السائلون والآملون؟ فلا بدّ و أن يكون الدعاء بلسان الإستعداد قبل الدعاء بلسان الحال و القال ألا ترى أنّ موسى عليه السلام قال (رَبِّ أَرِنِي أَنظرْ إِلَيْكَ) حاشا موسى طلب رؤية ربّه بالعين بل أراد الرؤية بالقلب فأجابه سبحانه(لَنْ تَرَانِي) ! لماذا ؟ يقول الإمام الخميني : (يعني – على نحو الاحتمال – لا يمكن أن تكون هناك "رؤية" ما دمت موسى، مادمت "أنت" ) فلابدّ من تحطيم جبل النفس كما فعله مولى الموحّدين فقال (كيف أعبد رباً لم أره)! فإذا كان السؤال بلسان الإستعداد سيستجاب الدعاء لا محالة (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)(العنكبوت/65). (..وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنْ الشَّاكِرِينَ)(يونس/22). وهنالك تتحقق الآية المباركة (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)(غافر/60). ولا يدعوه حقيقة إلا المضطر (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)(النمل/62)... يتبع